فرية قول ابن عمر عن جارية نافع: واهًا لريح فلانة !

قناة مكافح الشبهات . أبو عمر الباحث

نسف افتراءات د/عدنان إبراهيم حول الصحابة

فرية قول ابن عمر عن جارية نافع: واهًا لريح فلانة !

لتحميل البحث بصيغة pdf اضغط هنا

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه

وبعد:

هذه سلسلة ردود علمية على شبهات عدنان إبراهيم حول أصحاب رسولنا الكريم بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم.

ادَّعى عدنان إبراهيم في مَعْرضِ طعنه على عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنَّ ابن عُمرَ أعتق جارية وأعطاها لنافع ثم إذا رأى ولد هذه الجارية اعتنقه وقال ” وَاهًا لريح فلانة ” ؟!!

وبالغ عدنان مستخدمًا لغةَ الجسد في أسوء معانيها لتصوير عبد الله بن عمر في صورة العاشق الولهان.!

واستدل بمـا رواه الإمام ابن سعد قال:

{ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ خُنَيْسٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ أَبِي رَوَّادٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَتْ لَهُ جَارِيَةٌ، فَلَمَّـا اشْتَدَّ عُجْبُهُ بِهَا أَعْتَقَهَا، وَزَوَّجَهَا مَوْلًى لَهُ “، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ: قَالَ بَعْضُ النَّاسِ: هُوَ نَافِعٌ، فَوَلَدَتْ غُلامًا، قَالَ نَافِعٌ: فَلَقَدْ رَأَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَأْخُذُ ذَلِكَ الصَّبِيَّ فَيُقَبِّلُهُ، ثُمَّ يَقُولُ: ” وَاهًا لِرِيحِ فُلانَةَ “، يَعْنِي الْجَارِيَةَ الَّتِي أَعْتَقَ؟}.(1)

وللردِّ على هذه الفرية أقول:

أولاً: الرواية غير صحيحة:

أقول أن هذه الرواية لا تصح، فسندُها ضعيف.

والمسلمون لا يقبلون في دينهم إلا حديثاً صحيحاً فقط، ويجب أن تنطبق عليه شروط خمس وهي:

1- اتصال السند.

2- عدالة الرواة.

3- ضبط الرواة.

4- انتفاء الشذوذ.

5- انتفاء العلة.

قال الإمام أبو عمرو بن الصلاح : { أَمَّا الْـحَدِيثُ الصَّحِيحُ: فَهُوَ الْحَدِيثُ الْـمُسْنَدُ الَّذِي يَتَّصِلُ إِسْنَادُهُ بِنَقْلِ الْعَدْلِ الضَّابِطِ عَنِ

الْعَدْلِ الضَّابِطِ إِلَى مُنْتَهَاهُ ، وَلَا يَكُونُ شَاذًّا ، وَلا مُعَلَّلًا }.(2)

علل الرواية:

العلة الأولى:عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي رَوَّادٍ.

قال الإمامُ ابنُ حجر العسقلاني:

{ صَدُوقٌ عَابِدٌ رُبَّمَـا وَهِمَ وَرُمِيَ بِالْإِرْجَاءِ }.(3)

قال الإمامُ ابنُ حِبَّان:

{ روى عن نافع أشياء لا يشك مَن الحديثُ صِناعَتُه إذا سَمِعَهَا أَنَّهَا مَوْضُوْعَةٌ، كَانَ يُحَدِّثُ بها توهمًا لا تعمدًا، ومن حَدَّثَ على الحسبان، وروى على التوهم حتى كَثُرَ ذلك منه سَقَطَ الاحتجاجُ به.

 وإنْ كان فَاضِلًا في نفسه…قال أبو حاتم: روى عبد العزيز عن نافع عن ابن عمر نسخة موضوعة لا يحل ذِكْرُهَا إلا على سبيل الاعتبار}.(4)

تنبيه:

روى الإمام البخاري في صحيحه لعبد العزيز متابعةً وليس على سبيل الاحتجاج به.

وقد ترك الإمام سفيان الثوري صلاة الجنازة عليه لبدعته وقوله في الإرجاء.

العلة الثانية:محمد بن يزيد بن خُنَيْس.

قال الإمامُ ابنُ حجر العسقلاني:

{ مقبول }.(5)

وهذا يعني أنه يصلح في المتابعات وليس في الاحتجاج به.

وشيخنا الألباني في سلسلته الضعيفة كان يتحدث عن حديث موضوع, وكان له متابعة من طريق محمد بن يزيد بن خنيس فوصف متابعة ابن خنيس أنها متابعة واهية.

قال الشيخُ الألبانيُّ:

{ ثم إن الراوي عنه ابن خنيس ؛ قال الحافظ :”مقبول” ، قلت: فمثل هذه المتابعة الواهية لا تُعطي الحديث شيئاً من القوة ولا تُخرجُه عن كونه موضوعاً }.(6)

 وهكذا نرى أن الرواية لا تنهض ولا تقوم بها حجة على استدلال عدنان إبراهيم بها.

أفلا يتقي عدنان إبراهيم ربه في عِرض عبد الله بن عمر رضي الله عنه ؟

أبمثل هذه الروايات الضعيفة الواهية نتجرأ على عبد الله بن عمر ؟
إنا لله وإنا إليه راجعون !!

ثانياً: ابن عمر مِن أورع الصحابة وأتقاهم:

أقول أنَّ عبدَ الله بن عمر كَانَ مِنْ أورع وأتقى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وتعالوا إلى شيء مِنْ ورع وتقوى عبد الله بن عمر رضي الله عنه وعن أبيه:

عبد الله بن عمر أحد الذين أخبرنا الله تبارك وتعالى في كتابه العزيز أنه رضي عنهم.

قال الإمام الذهبي:

{ أَسْلَمَ وَهُوَ صَغِيْرٌ، ثُمَّ هَاجَرَ مَعَ أَبِيْهِ لَمْ يَحْتَلِمْ … وَهُوَ مِمَّنْ بَايَعَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ }.(7)
قال الإمام الذهبي:

{ قَالَ إِبْرَاهِيْمُ: قَالَ ابْنُ مَسْعُوْدٍ: إِنَّ مِنْ أَمْلَكِ شَبَابِ قُرَيْشٍ لِنَفْسهِ عَنِ الدُّنْيَا عَبْدَ اللهِ بنَ عُمَرَ .

ابْنُ عَوْنٍ: عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ: لَقَدْ رَأَيْتُنَا وَنَحْنُ مُتَوَافِرُوْنَ، وَمَا فِيْنَا شَابٌّ هُوَ أَمْلَكُ لِنَفْسِهِ مِنِ ابْنِ عُمَرَ.

 وَقَالَ ابْنُ الـمُسَيِّبِ: لَوْ شَهِدْتُ لأَحَدٍ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ، لَشَهِدْتُ لابْنِ عُمَرَ. رَوَاهُ: ثِقَتَانِ، عَنْهُ.

وَقَالَ قَتَادَةُ: سَمِعْتُ ابْنَ الـمُسَيِّبِ يَقُوْلُ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَوْمَ مَاتَ خَيْرَ مَنْ بَقِيَ.

وَعَنْ طَاوُوْسٍ: مَا رَأَيْتُ أَوْرَعَ مِنِ ابْنِ عُمَرَ }.(8)

وهذا يُبَيِّنُ لك ما كان عليه عبد الله بن عمر مِن ورع وتقوى وتعفف وتجرد وخشية لله رب العالمين.

ثالثاً: عدنان إبراهيم والصحابة:

ما الذي يريده عدنان إبراهيم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟

ما فائدة طعنه في صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟

ما الخير الذي سيعود على الأمة الإسلامية من وراء هذا الطعن والغمز واللمز في الصحابة ؟

كم مِن شاب مُسلم بعيد عن طاعة الله سيهتدي بمثل هذا الكلام الساقط؟

كم مِن شابٍّ عاصٍ لله تبارك وتعالى سيتوب بسبب كلامك هذا ؟

وكم مِن مُلحد سيؤمن بالله والإسلام بعد كلامك هذا ؟

ما فائدةُ بَثِّ رواياتٍ مكذوبةٍ وضعيفةٍ بين الناس للقدح في أشرف الخلق بعد الرسل والأنبياء ؟

ما هذا الـخَطَل الذي لا يقبله عاقلٌ فضلًا عن عالمٍ وباحثٍ ؟؟

ثُمَّ مَن الذي قال أنَّ عبد الله بن عمر رضي الله عنهما كان مِن هذا النوع مِن الرِّجال الذي يفعل فعلة كهذه من أجل امرأة؟

خذ يا عدنان لتعرف هل كان ابن عمر وَلِعًا بالنساء كما تصوره لمشاهديك أم لا !!

قال الإمام الذهبي:

 {وَقَالَ نَافِعٌ: عَنِ ابْنِ عُمَرَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:لَوْ تَرَكْنَا هَذَا البَابَ لِلنِّسَاءِ). قَالَ نَافِعٌ: فَلَمْ يَدخْلْ مِنْهُ ابْنُ عُمَرَ حَتَّى مَاتَ }.(9)

الله أكبر الله أكبر !! ما هذا الاتِّبَاع الرائع !! ما هذه الطاعة الصافية !!

فانظر أيها القارئ الكريم إلى الاتباع المحمود العجيب لكلام الرسول صلى الله عليه وسلم !

هذا هو العابد الزاهد المتبع مقتفي الأثر الشريف رضي الله عنه وعن أبيه.

العجيب أن عدنان أثناء عرض هذه الروايات الباطلة يقول أن عبد الله بن عمر كان تقيًا !!

عدنان حينما قال كلمة “واها لريح فلانة” أمسك كتابًا وَحَضَنَهُ وكأنَّ عبد الله بنَ عُمَر كان مُغْرَمًا بالمرأة.!

ثُمَّ لماذا يضع عدنان هذه التحابيش المنفرة على الرواية من كِيسِهِ، ولماذا يستخدم لغة الجسد هذا الاستخدام الفاحش؟ ولمصلحة من يتم الكلام عن صحابي جليل بهذه الطريقة المبتذلة ؟؟

ولغة الجسد هذه نعرفها ونعرف إلى ماذا يريد عدنان إبراهيم أن يوجه قلوب الناس وعقولهم.

رابعاً: ليس كل ما في الكتب صحيحًا:

أقول: ليس كُلُّ ما في كتب التاريخ أو السُّنة أو السيرة أو حتى التفسير صحيحاً، لأن علماءنا جزاهم الله عنا خيرًا كانوا يهتمون بجمع الروايات وتدوينها في الكتب حتى لا يضيع شيء منها.

ولم يقلْ واحدٌ مِنْ علماء التاريخ على الإطلاق أنَّ كُلَّ ما في كتابه صحيح. والأصل هو الإسناد.

يقول الدكتور إبراهيم العلي:

{ الإسنادُ لابد منه في كُلِّ أمر من أمور الدين, وعليه الاعتمادُ في الأحاديث النبوية وفي الأحكام الشرعية وفي المناقب والفضائل والمغازي والسير وغير ذلك من أمور الدين المتين والشرع المبين, فشيءٌ من هذه الأمور لا ينبغي عليه الاعتماد مالم يتأكد بالإسناد, لاسيما بعد القرون المشهود لها بالخير… وقد شدد سلفنا الصالح رضوان الله عليهم على ضرورة الإسناد, وأنه مطلوب في الدين, وأنه مِن خصائص أُمَّة الإسلام }.(10)

روى الإمام الطبراني:

{ عَنْ ثَوْبَانَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا ذُكِرَ أَصْحَابِي فَأَمْسِكُوا، وَإِذَا ذُكِرَتِ النُّجُومُ فَأَمْسِكُوا، وَإِذَا ذُكِرَ الْقَدَرُ فَأَمْسِكُوا»}.(11)

والرواية صَحَّحَهَا العلامة الألباني في صحيح الجامع الصغير بمجموع طرقها.(12)

وَأخيراً أُذكِّرُكَ بقول الله تعالى:
 { تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَـهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّـا كَانُوا يَعْمَلُونَ }.(سورة البقرة آية 134).

إضافة مهمة للموضوع: بتاريخ 23-7-2013

وقفتُ اليوم على تحقيق كتاب مجموع رسائل ابن رجب لأبي مصعب، “طلعت بن فؤاد الحُلواني” جزاه الله خيرا ووجدته قال في الرواية نفس ما قلتُه في بحثي،
فقال:
{ في إسناده محمد بن يزيد بن خنيس المكي، قال الحافظ في “التقريب”: مقبول. أي حيث يتابع وإلا فهو ضعيف، ولم يتابعه أحد عَلَى ما وقفت عليه، وعبد العزيز بن أبي رواد: صدوق ربما وهم. فالإسناد ضعيف، والله أعلم }.
(13)
فالحمد لله رب العالمين

مراجع البحـث:

 (1)  الطبقات الكبرى للإمام محمد بن سعد ج4 ص156، ط مكتبة الخانجي – القاهرة، ت: د علي محمد عمر.

 (2)  علوم الحديث للإمام أبي عمرو بن الصلاح ص11 ، ط دار الفكر المعاصر – لبنان ، دار الفكر – سوريا، ت: نور الدين عنتر.

 (3)  تقريب التهذيب للإمام ابن حجر العسقلاني ص298 ت4096، ط مؤسسة الرسالة – بيروت، ت: عادل مرشد.

 (4)  المجروحين من المحدثين للإمام ابن حبانج2 ص119، ط دار الصميعي الرياض، ت: الشيخ حمدي عبد المجيد السلفي.

 (5)  تقريب التهذيب للإمام ابن حجر العسقلاني ص447 ت6396، ط مؤسسة الرسالة – بيروت، ت: عادل مرشد.

 (6)  سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للشيخ محمد ناصر الدين الألباني ج7 ص322، ط دار المعارف الرياض.

 (7)  سير أعلام النبلاء للإمام شمس الدين الذهبي ج3 ص204، ط مؤسسة الرسالة – بيروت، ت: شعيب الأرنؤوط.

 (8)  سير أعلام النبلاء للإمام شمس الدين الذهبي ج3 ص212، ط مؤسسة الرسالة – بيروت، ت: شعيب الأرنؤوط.

 (9)  سير أعلام النبلاء للإمام شمس الدين الذهبي ج3 ص213، ط مؤسسة الرسالة – بيروت، ت: شعيب الأرنؤوط.

(10) صحيح السيرة النبوية للدكتور إبراهيم العلي ص12، طبعة دار النفائس – الأردن.

(11) المعجم الكبير للإمام سليمان بن أحمد الطبراني ج2 ص96, ط مكتبة بن تيمية – القاهرة، ت: حمدي عبد المجيد السلفي.

(12) صحيح الجامع الصغير للشيخ محمد ناصر الدين الألباني ص155 ح545, ط المكتب الإسلامي – بيروت.

(13) مجموع رسائل ابن رجب للحافظ ابن رجب الحنبلي ج2 ص428, ط دار الفاروق الحديثة – القاهرة، ت:طلعت الحُلواني.

 

تمت بحمد الله

كتبه أبو عمر الباحث

غفر الله له ولوالديه

الرد على هذه الفرية مصورا

[youtube=https://www.youtube.com/watch?v=Ol9vaoDDgBI]

اترك ردّاً