ِمشكلة مُنْكِرِي نبوة النبي صلى الله عليه وآله وسلم كبيرة وضخمة، وهذه المشكلة تبيّن أن هؤلاء المنكرين لم يحترموا عقولهم قبل أنْ لا يحترموا عقولَ غيرهم !!
فكيف لرجل أُمِّيٍّ لا يقرأ ولا يكتب أن يأتي بكتابٍ مثل هذا الكتاب المعجز الذي حَيَّرَ عقولَ العَرَبِ، وهم أهلُ البلاغة وأربابُ الفصاحة وفرسانُ اللغة والبيان؟!
والكل يعلم أن الرسولَ صلى الله عليه وسلم ليس شاعِرًا ، بل ولا يستطيع أن يقول شيئًا من الشِّعْر !!
ربما يقول النصراني: رسولكم أخذ هذا الكلام من الشيطان !!
فنقول: القرآن الكريم من أوله إلى آخره يذم الشيطان ويلعنه ويحذر منه، فهل يُعْطِي الشيطانُ للبشر كِتابًا يلعن فيه نفسَه ؟!
بل إنَّ كتابكم يا نصارى فيه ما يَنسف هذه الفكرة الغبية، وأنتم يا نصارى ترددون وتكررون نَفْسَ كلامِ اليهودِ حينما اتهموا المسيح أنه يُخْرِجُ الشياطينَ بمساعدة الشيطان نفسه !!
فقصف المسيحُ جَبْهَتَهُم وقال لهم: [ كُلُّ مَمْلَكَةٍ مُنْقَسِمَةٍ عَلَى ذَاتِهَا تُخْرَبُ، وَكُلُّ مَدِينَةٍ أَوْ بَيْتٍ مُنْقَسِمٍ عَلَى ذَاتِهِ لاَ يَثْبُتُ ، فَإِنْ كَانَ الشَّيْطَانُ يُخْرِجُ الشَّيْطَانَ فَقَدِ انْقَسَمَ عَلَى ذَاتِهِ. فَكَيْفَ تَثْبُتُ مَمْلَكَتُهُ؟! ]. متى أصحاح 12
أما الملحد فلا يستطيع أن يقول إن الرسول أخذ القرآن من شيطان ، لأن الملحد لا يؤمن بوجود الشيطان أَصْلًا !!
فسيفكِّر النصرانيُّ والملحدُ في طريقة أخرى جهنمية ليطعنوا بها في نبوة النبي صلى الله عليه وسلم !
فسيقولانِ: إذًا فرسولكم أَخَذَ هذا القرآن من وَرَقَةَ بن نَوْفَل !!
فنقول: الروايات تقول إن الرسول نزل عليه أول آيات من سورة اقرأ قبل أن يجلس مع ورقة مرة واحدة، ثم بعد ذلك لما جاءه الوحي ذهبت السيدة خديجة بالرسول إلى ابن عمها ورقة بن نوفل.
فلما سمع ورقة بن نوفل ما حدث معه من نزول جبريل عليه آمن بالرسول وأخبره أن هذا هو نفس الملاك جبريل الذي نزل على نبي الله موسى، وتقول الرواية إن ورقة بن نوفل مات بعد هذا الموقف.
فكيف تقولون إن الرسول صلى الله عليه وسلم أخذ منه شيئًا من القرآن وقد نزل الوحي على الرسول قبل لقائه بورقة أول مرة، ثم بعدها مباشرة مات ورقة ؟!
عند هذا الحد لَـمَعَتْ عينا النصراني والملحد، وقالا في نَفَسٍ واحد: رسولُكم اجتمع مع أصحابه وصمّموا واخترعوا هذا الدين مع بعضهم !!
فنقول: هذا الكلام مضحك، ولا يوجد أيُّ دليلٍ على هذا الكلام !! بل الموجودُ عكسُ ذلك تمامًا !!
بل إن هناك مواقف حدثت فجأة ولم يكن مع الرسول أحد لكي يخترع معه آية خاصة بهذا الموقف!
خذ على سبيل المثال موقفًا كموقف أبي لهب عم الرسول صلى الله عليه وسلم حينما نزلت فيه سورة تقول إنه سيدخل النار هو وزوجته !!
كان يستطيع هذا الرجل أن يخدع المسلمين ويقول أنا أسلمت أنا وزوجتي، وطالما أننا أسلمنا فنحن من أهل الجنة ، فكيف يزعم القرآن أني وزوجتي سندخل النار ؟!
ومع ذلك فهذا لم يحدث ، بل أثبت الواقع والتاريخ صِدْقَ النبي صلى الله عليه وسلم، ومات أبو لهب وزوجته على الكُفْر والشِّرْك!
ثم إِنَّ الذين يَدَّعون النبوةَ لا يَحْكُمُونَ على أقرب الناس إليهم بدخول النار !
فالرسول صلى الله عليه وسلم قال إن عمه أبا طالب في النار، مع أن عمه هذا هو الذي كان يدافع عنه ضد مشركي قريش !!
ومع ذلك حكم الرسول عليه بالنار في إشارة صارخة أن هذا الدين لم يجامل أَحَدًا حتى أقربَ الناس للرسول صلى الله عليه وسلم !!
مع أن الرسول كان بحاجةٍ ماسةٍ إلى أقربائه وأبناء عمومته، بل كان من الممكن إذا كان الرسول مُدَّعِيًا للنبوة أن يخاف من ردة أقاربه الذين أسلموا بسبب حكمه على عمه بالنار !!!!
وفي عهد الرسول صلى الله عليه وسلم زعم المشركون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعلّم هذا القرآنَ من غلام نصراني أعجمي يتكلم العربية بصعوبة !!!!
فنزل القرآن الكريم ليجعل المشركين يسخرون من أنفسهم ومن هذا القول الأخرق ، فيقول:
{ وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ ، لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ }. أي كيف يكون الرسول تعلم هذا القرآن من غلام نصراني أعجمي ضعيف اللغة العربية، مع اعترافكم ببلاغة القرآن وفصاحته وقوة بيانه وعجزكم عن الإتيان بمثله؟!
دلائل نبوة النبي صلى الله عليه وسلم كثيرة ومتعددة، ولا ينكرها إلا جَاحِدٌ، يحرص على الدنيا ويبيع آخرته لشهواته وملذاته أو منصبه وأمواله !!
والحمد لله رب العالمين ،،،،
وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلا قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ