الحق المبين بإلصاق الأباضية بالخوارج المارقين

الحمد لله والصلاة والسلام  على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه وبعد:

فالأباضية لا يزالون يحاولون باستماتة أن يتملّصوا من لقب “ الخوارج “ بشتى الطرق ، ولكنهم لم يعلموا أنهم إن نجحوا في التملُّص من هذا اللقب بإنكار ما قاله علماءُ أهل السنة عنهم ؛ فماذا هم فاعلون في أقوال علمائهم من الخوارج القدماء ؟!

فقد جاء في كتيب صغير بعنوان “الحق المبين في براءة الإباضية من الخوارج المارقين” لمؤلفه الأباضي سيف بن سعيد ص19 في مكتبة الأباضية الشاملة ، ما نصه:
[ورد في كتاف تحفة الأعيان بسيرة أهل عمان للشيخ السالمي رحمه الله صفحة 6 من الجزء الاول: تعليقا للشيخ أبي إسحاق على ما قاله ابن خلدون في حديثه عن عمان: (والخوارج بها كثيرة)
إذ يقول الشيخ أبي إسحاق:
” إطلاق لفظ الخوارج على الإباضية أهل الحق والاستقامة من الدعايات الفاجرة التي نشأت عن التعصب السياسي أولا , ثم عن المذهبي ثانيا , لما ظهر غلاة المذاهب , وقد خلطوا بين الإباضية والازارقة والصفرية والنجدية
].

قلت: هذا الأباضي المتحمس وصف من يطلق لفظ الخوارج على الأباضية بأنه صاحب دعاية فاجرة نائشة عن التعصب السياسي والمذهبي.

ولعل هذا المُسَيْكِينَ لا يعلم أن علماءه هم الذين صَرَّحُوا بذلك!!

يقول عالِم الأباضية محمد بن إبراهيم الكندي وهو يصف المذاهب:

[ المذهب الثاني: الخوارج: وهم أربع عشرة فرقة:

1 – الأزارقة: ينسبون إلى نافع بن الأزرق وهو إمام الخوارج.
2 – النجدات: وهم أصحاب نجدة بن عامر الحنفي.
3 – العجردية: ينسبون إلى عبد الكريم بن عجردة.
4 – اليدعية: رئيسهم يحي بن أصرم لأنهم يدعون قطع الشهادة على أنفسهم أنهم من أهل الجنة.
5 – الخازمية: ينسبون إلى شعيب بن خازم.
6 – الثعالبة: ينسبون إلى ….. .
7 – الصفرية: أصحاب داود بن الأصفر.
8 – الحفصية: أصحاب حفص بن المقدام.
9 – اليزيدية: أصحاب يزيد بن يغسة.
10 – الإباضية: أصحاب عبد الله بن إباض.]. بيان الشرع ج3 ص210 ، ص211

وقبل ذلك قال الكندي:

[فافترق أصحاب علي بن أبي طالب على فرقتين:
فرقة شايعت عليا فسموا الشيعة، وفرقة نقضت على عليّ بن أبي طالب وهم المسلمون فسموا الخوارج مختلفين إلا أن تجمعهم فرقتين:
1 – فرقة سموا الخوارج بخروجهم على أئمة الضلال في اتباع الحق كأصحاب النهروان والنخيلة وغيرهم من خوارج المسلمين.
2 – وفرقة خرجوا على أئمة العدل وأهل الاستقامة من المسلمين كالأزارقة والنجدية وأشباههم، وكل فرقة من هذه (1) الفرق مختلفون..
والخوارج مختلفون، منهم المسلمون الذين يسمون الإباضية لمكان إمام المسلمين عبد الله بن إباض ].

بل إن إمام مذهبهم أبا سعيد الكُدَمِيَّ وصف أكابر مذهبهم الخارجي بأنهم من الخوارج ، فقال:
[ ومن الخوارج المرداس بن حدير وعبدالله بن إباض وعبدالله بن يحيى طالب الحق ].
الاستقامة لأبي سعيد الكدمي ج1 ص262.

والذي وَصَفَ الخوارجَ بالمارقين هو أصدق المتكلمين بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم، فقال:

[ تَمْرُقُ مَارِقَةٌ عِنْدَ فُرْقَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، يَقْتُلُهَا أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ بِالْحَقِّ ]. صحيح مسلم رقم 150 – (1064).
وقَالَ أَبُو سَعِيدٍ الخُدْرِيُّ: « وَأَنْتُمْ قَتَلْتُمُوهُمْ، يَا أَهْلَ الْعِرَاقِ » صحيح مسلم رقم 149 – (1064).

وهذه الفرقة المارقة هم أهل النهروان ، وهذه أضواء سريعة على الرواية:

1. قوله ( عند فُرْقَةٍ من المسلمين ) أي بعد معركة صفين عام 36 هـ ، بين أهل العراق بقيادة عليّ بن أبي طالب وبين أهل الشام بقيادة معاوية بن أبي سفيان.
2. الفِرْقة المارقة هم الخوارج من أهل النهروان ويُسَمَّون أيضا بالحرورية لأنهم عسكروا في مكان اسمه “حروراء” على أطراف الكُوفَة أو قريبًا منها.
3. أولى الطائفتين بالحق هو عليُّ بن أبي طالب ومن معه لأنه هو الذي قضى على هذه الفرقة الخارجيّة المَارِقة من أهل النهروان.
4. هؤلاء الخوارج كفّروا علي بن أبي طالب، وزعموا أنه لا يريد الاحتكام إلى كتاب الله ، وقالوا: ( لا حُكْمَ إِلَّا لله )، فقال لهم علي: ( كَلِمَةُ حَقٍّ أُرِيدَ بها باطِل ).
5. هؤلاء الخوارج سفكوا الدم الحرام وقتلوا عبد الله بن الصحابي خبَّاب بن الأرَتّ وقتلوا امرأته وكانت حُبْلى وبقروا بطنها.
6. هؤلاء الخوارج بايعوا شخصًا منهم اسمه عبد الله بن وهب الراسبي، وهذا الراسبي هلك في نفس المعركة.
7. بعد انتهاء المعركة أشاع مَنْ تبقى من هؤلاء الخوارج أن علي بن أبي طالب قتل المسلمين بدون وجه حق. فجاء في مسند أحمد أن أم المؤمنين عائشة بعدما عرفت الحقيقة من  عَبْدِ اللهِ بْنِ شَدَّادٍ قالت:

[ فَمَا قَوْلُ عَلِيٍّ حِينَ قَامَ عَلَيْهِ كَمَا يَزْعُمُ أَهْلُ الْعِرَاقِ؟ قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: صَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ. قَالَتْ: هَلْ سَمِعْتَ مِنْهُ أَنَّهُ قَالَ غَيْرَ ذَلِكَ؟ قَالَ: اللهُمَّ لَا. قَالَتْ: أَجَلْ، صَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ، يَرْحَمُ اللهُ عَلِيًّا إِنَّهُ كَانَ مِنْ كَلَامِهِ لَا يَرَى شَيْئًا يُعْجِبُهُ إِلَّا قَالَ: صَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ، فَيَذْهَبُ أَهْلُ الْعِرَاقِ يَكْذِبُونَ عَلَيْهِ، وَيَزِيدُونَ عَلَيْهِ فِي الْحَدِيثِ ]. مسند أحمد (2/ 86) ، ط الرسالة – بيروت.
8. أتباع هؤلاء الخوارج فِرْقة تسمَّى ” الأباضيّة ” ، وهم يتولون الخوارج من أهل النهروان إلى اليوم – كما بيَّنَّا – ويؤمنون بنفس هذه أفكارهم، وتحتوي كُتُبُهم على تكفير عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب وأبي موسى الأشعري ومعاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاص رضي الله عنهم جميعًا والبراءة منهم ومن الحسن والحسين.
9. شهادة الصحابي الجليل أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قاطعة بأن المقصود بهذا الحديث هم أهل النهروان الذين قضى عليهم أهل العراق بقيادة علي بن أبي طالب عليه السلام.

المدهش أن كتب الأباضية نقلت إلينا أن عبد الله بن أباض أرسل رسالة لعبد الملك بن مروان يقول:

[ هذا خبر الخوارج ، شَهِدَ الله وملائكته أنَّا لمن عاداهم أعداءنا ، ولمن والاهم أولياؤنا بألسنتنا ، وأيدينا ، وقلوبنا ]. كتاب العقود الفضيّة سالم بن حمد بن سليمان الحارثيّ ص135

فإذا كان رأس الأباضية يعترف بنفسه أنه من الخوارج ويتولاهم ويُشْهِدُ اللهَ على ذلك ، وَمَنْ أَشْهَدَ اللهَ على باطل فقد كَفَرَ، فهل لأحدٍ أن ينكر علينا وصفهم بالخوارج.

ومما أثار عجبي أن الأباضي ناصر المسقري قال في كتابه “ الأباضية في ميدان الحق” ص118 :

[ إن تسمية الأباضية بالخوارج هو من باب التنابز بالألقاب الذي نهى الله عنه ]. !!

فهل علماء الأباضية الأوائل كانوا ينبزون أنفسهم حينما وصفوا أنفسهم بهذا اللفظ وارتضوا هذا اللقب ؟!

وهل عبد الله بن أباض كان ينبز نفسه حينما كان يُشهد اللهَ على موالاته للخوارج؟!

فعلى هؤلاء الأباضية المُنْكِرِين لِأَصْلِهِم وحقيقتهم أن يعودوا لِكُتُبِ علمائهم وأئمتهم وألا يهرفوا بما لم يعرفوا ، وألا يتكلّموا قبل أن يتعلّموا ، والله حسبنا وهو نعم الوكيل.

والحمد لله رب العالمين ،،،،

 

اترك ردّاً