إشكالات حول معاوية والجواب عنها

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه وبعد.

فهذا جواب مختصر عن بعض الإشكالات التي أثارها أحد الإخوة اليوم في تعليقه على قناة مكافح الشبهات

فقال:

[[من أين أتيت بأن معاوية إذا نزل على رسول الله ص الايات ارسل الى معاوية ليكتب الايات ؟

لا حظ : (يكتب الايات )من أتيت بها هل لديك إسناد – يا مهووووس بالاسانيد – ؟ لن تجيب يا حضرة المحقق الكبير !!! لأنك لاتهمك الحقيقة والحق بل لأنك غال في موضوع الصحبة !! قال ابن حجر في الإصابة في تمييز الصحابة (6/ 121) :”وقال المدائنيّ: كان زيد بن ثابت يكتب الوحي، وكان معاوية يكتب للنبيّ صلى اللَّه عليه وآله وسلم فيما بينه وبين العرب”. ولو صح أنه كتب الوحي ما موقفك من الذين كتبوا الوحي وارتدوا ؟! مثل : ابن خطل ، ابن أبي السرح ، والرجل الذي لفظته الأرض !! هل كتابة الوحي بمانعة من الردة والظلم ووو إلخ يا علامة زمانك ؟ أتدري لماذا ذكروا عن معاوية أنه كاتب الوحي وخال المؤمنيين ؟ – بل وجدت في بعض الروايات التاريخية أن هذا حجج معاوية بفضله في مناظرة علي عليه السلام في الرسائل – لأنه لم يجد لنفسه فضائل بل طليق ابن طليق أسلموا كرهاً بالسيف قال ابن حجر فتح الباري لابن حجر (7/ 104) ” واخرج بن الجوزي أيضا من طريق عبد الله بن أحمد بن حنبل سألت أبي ما تقول في علي ومعاوية فأطرق ثم قال اعلم أن عليا كان كثير الأعداء ففتش أعداؤه له عيبا فلم يجدوا فعمدوا إلى رجل قد حاربه فأطروه كيادا منهم لعلي فأشار بهذا إلى ما اختلقوه لمعاوية من الفضائل مما لا أصل له وقد ورد في فضائل معاوية أحاديث كثيرة لكن ليس فيها ما يصح من طريق الإسناد وبذلك جزم إسحاق بن راهويه والنسائي وغيرهما والله اعلم” . من هم أعداؤه يا علامة زمانك ؟]].

فرددت عليه قائلا:
حياك الله أخي الكريم.
حاول تهدأ قليلًا بارك الله فيك، واقرأ كلامي القادم بعين الإنصاف.
فإن وجدتَ فيه حَقًا فاقبلْه، وإن وجدت فيه باطلًا فبيّن ما فيه من بُطلان.
تقول: [من أين أتيت بأن معاوية إذا نزل على رسول الله ص الايات ارسل الى معاوية ليكتب الايات ؟ لا حظ : (يكتب الايات )من أتيت بها هل لديك إسناد].
نعم لديّ إسناد متصل صحيح كالشمس في ضحاها.
• روى الإمام البيهقي في الدلائل:
[ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، قَالَ: كُنْتُ أَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ فَإِذَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ جَاءَ فَقُلْتُ: مَا جَاءَ إِلَّا إِلَيَّ فَاخْتَبَأْتُ عَلَى بَابِ فَجَاءَ فَحَطَأَنِي حَطْأَةً، فَقَالَ: «اذْهَبْ فَادْعُ لِي مُعَاوِيَةَ» ، وَكَانَ يَكْتُبُ الْوَحْيَ ].  قال البيهقي:
[  أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَمْشَادَ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبُو حَمْزَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، قَالَ: كُنْتُ أَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ جَاءَ، فَقُلْتُ: مَا جَاءَ إِلا إِلَيَّ، فَاخْتَبَأْتُ عَلَى بَابِ فَجَاءَ فَحَطَأَنِي حَطْأَةً، فَقَالَ: ” اذْهَبْ فَادْعُ لِي مُعَاوِيَةَ، وَكَانَ يَكْتُبُ الْوَحْيَ].
دلائل النبوة للبيهقي (6/ 243)  دار الكتب العلمية، دار الريان للتراث.
أما قولك: [لن تجيب يا حضرة المحقق الكبير !] ؛ فهذا رجمٌ بالغيب، عافاك الله منه !
تقول: [ لأنك لاتهمك الحقيقة والحق بل لأنك غال في موضوع الصحبة].
وهذا غير صحيح، فأنا على مذهب ابن حَجَرٍ العسقلاني وغيره من العلماء في مسألة الصُحْبَة والصَّحَابة.
تقول: [قال ابن حجر في الإصابة في تمييز الصحابة (6/ 121) :”وقال المدائنيّ: كان زيد بن ثابت يكتب الوحي، وكان معاوية يكتب للنبيّ صلى اللَّه عليه وآله وسلم فيما بينه وبين العرب”].
وأنا أقول : قال الإمام ابن حجر العسقلاني:
[ معاوية بن أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية الأموي أبو عبد الرحمن الخليفة صحابي أسلم قبل الفتح وكتب الوحي ومات في رجب سنة ستين وقد قارب الثمانين ].
تقريب التهذيب ـ ص470 ت6758 ط الرسالة – بيروت.
لاحظ معي جيدًا قوله: [ وكتب الوحي ]
تقول: [ولو صح أنه كتب الوحي ما موقفك من الذين كتبوا الوحي وارتدوا ؟! مثل : ابن خطل ، ابن أبي السرح ، والرجل الذي لفظته الأرض !! هل كتابة الوحي بمانعة من الردة والظلم ووو إلخ يا علامة زمانك ؟ ].
وأقول:
1. قياس الذين كتبوا الوحي وارتدوا على الذين كتبوا الوحي ولم يرتدوا ؛ قياس غير صحيح.
2. لو كان لديك أن معاوية رضي الله عنه قد ارتد فأعطني إياه، بارك الله فيك.
3. ابن خطل لم يكن من كتبة الوحي حسب علمي، ولو كنتُ مخطئًا فأرجو أن تصحح لي لأني لا أذكر أني قرأت شيئًا كذلك.
4. قصة عبد الله بن سعد بن أبي سرح تكلمتُ عنها هنا إذا أردت الفائدة:
https://www.youtube.com/watch?v=8oGXcnIn9nM
5. الرجل  الذي لفظته الأرض، قد حَفِظَ البقرة وآل عمران ثم ارتد نصرانيًا. فهل معاوية ارتد أو تنصر حتى تقيس عليه هذا المرتد ؟!

لا ينبغي أبدًا أن تأتي برواية رجل مرتد لتدلل بها على ردة غيره، فعليك أن تثبت ردة معاوية كما أثبتَّ ردة النصراني الآخر!
تقول بارك الله فيك: [أتدري لماذا ذكروا عن معاوية أنه كاتب الوحي وخال المؤمنيين ؟]
نعم أدري طبعًا:
1. سماه العلماء كاتب الوحي لأنه كان يكتب الوحي لرسول صلى الله عليه وسلم.
2. سماه العلماء بخال المؤمنين لأنه أخو أمِّ المؤمنين رملة بنت أبي سفيان، وكذلك ابن عمر خال المؤمنين لأنه أخو أمِّ المؤمنين حفصة، وكذلك عبد الرحمن بن أبي بكر خال المؤمنين لأنه أخو أمِّ المؤمنين عائشة رضي الله عن الجميع.

تقول حفظك الله: [ بل طليق ابن طليق أسلموا كرهاً بالسيف ].

وهذا طعن في النبي صلى الله عليه وسلم واتهامٌ صريح له أنه خالف القرآن الكريم وأكره الناس على اعتناق الإسلام!

فالله سبحانه وتعالى يقول: {لا إكراه في الدين}، ويقول: {ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعًا أفأنت تُكْرِهُ الناسَ حتى يكونوا مؤمنين}.

فمعاذَ الله أن يُكْرِهَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم أحدًا على الإسلام، وكذلك أصحابه رضي الله عنهم.

تقول غفر الله لنا ولك: [ واخرج بن الجوزي أيضا من طريق عبد الله بن أحمد بن حنبل سألت أبي ما تقول في علي ومعاوية فأطرق ثم قال اعلم أن عليا كان كثير الأعداء ففتش أعداؤه له عيبا فلم يجدوا فعمدوا إلى رجل قد حاربه فأطروه كيادا منهم لعلي فأشار بهذا إلى ما اختلقوه لمعاوية من الفضائل مما لا أصل له وقد ورد في فضائل معاوية أحاديث كثيرة لكن ليس فيها ما يصح من طريق الإسناد وبذلك جزم إسحاق بن راهويه والنسائي وغيرهما والله اعلم” ].

وإليك الجواب:

أولا: لم تذكر لنا الكلام الذي قاله ابن حجر العسقلاني قبل الكلام المذكور. فابن حجر يثبت الفضائل لمعاوية رضي الله عنه وليس ينفيها، فقال في ” باب ذكر معاوية رضي الله عنه” : [ تَنْبِيهٌ عَبَّرَ الْبُخَارِيُّ فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ بِقَوْلِهِ ذِكْرُ وَلَمْ يَقُلْ فَضِيلَة وَلَا منقبة لكَون الْفَضِيلَة لاتؤخذ من حَدِيث الْبَاب، لَأن ظَاهر شَهَادَة ابن عَبَّاسٍ لَهُ بِالْفِقْهِ وَالصُّحْبَةِ دَالَّةٌ عَلَى الْفَضْلِ الْكثير وَقد صنف بن أَبِي عَاصِمٍ جُزْءًا فِي مَنَاقِبِهِ وَكَذَلِكَ أَبُو عُمَرَ غُلَامُ ثَعْلَبٍ وَأَبُو بَكْرٍ النَّقَّاشُ]. فتح الباري لابن حجر (7/ 104)

انتبه جيدًا لكلامه: [ لَأن ظَاهر شَهَادَة بن عَبَّاسٍ لَهُ بِالْفِقْهِ وَالصُّحْبَةِ دَالَّةٌ عَلَى الْفَضْلِ الْكثير ] فابن حجر يثبت لمعاوية الفضل الكثير، بل نقل لنا ابن حجر أسماء ثلاثة من العلماء الذين صنفوا الكتب التي أثبتت الفضلَ لمعاوية رضي الله عنه، فقال: [ وَقد صنف بن أَبِي عَاصِمٍ جُزْءًا فِي مَنَاقِبِهِ وَكَذَلِكَ أَبُو عُمَرَ غُلَامُ ثَعْلَبٍ وَأَبُو بَكْرٍ النَّقَّاشُ ].

ثانيا: ابن الجوزي متوفى عام 597 هجرية، وعبد الله بن أحمد بن حنبل متوفى عام 290، فهل تسمح أن تذكر لي السند بينهما حتى ننظر في صحة الرواية عن الإمام أحمد وابنه؟!

ثالثا: إليك كلام الإمام أحمد بن حنبل بالسند الصحيح المتصل إليه: قال أبو بكر الخلال: [ أخبرني أحمد بن محمد بن مطر وزكريا بن يحيى أن أبا طالب حدثهم أنه سأل أبا عبدالله أقول معاوية خال المؤمنين وابن عمر خال المؤمنين قال نعم معاوية أخو أم حبيبة بنت أبي سفيان زوج النبي ورحمهما 2 وابن عمر أخو حفصة زوج النبي ورحمهما قلت أقول معاوية خال المؤمنين قال نعم . وإسناد الرواية صحيح. السُنَّة للخلال (2/ 433) ط دار الراية – الرياض. رقم الرواية 657.

وقال عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْم‍َيْمُونِيُّ: قُلْتُ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: أَلَيْسَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُلُّ صِهْرٍ وَنَسَبٍ يَنْقَطِعُ إِلَّا صْهِرِي وَنَسَبِي» ؟ قَالَ: ” بَلَى، قُلْتُ: وَهَذِهِ لِمُعَاوِيَةَ؟ قَالَ: نَعَمْ، لَهُ صِهْرٌ وَنَسَبٌ. قَالَ: وَسَمِعْتُ ابْنَ حَنْبَلٍ يَقُولُ: «مَا لَهُمْ وَلِمُعَاوِيَةَ، نَسْأَلُ اللَّهَ الْعَافِيَةَ». السنة لأبي بكر بن الخلال (2/ 432)

وقال الخلال: [ أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي هَارُونَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، أَنَّ أَبَا الْحَارِثِ حَدَّثَهُمْ قَالَ: وَجَّهْنَا رُقْعَةً إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ: مَا تَقُولُ رَحِمَكَ اللَّهُ فِيمَنْ قَالَ: لَا أَقُولُ إِنَّ مُعَاوِيَةَ كَاتَبُ الْوَحْيِ، وَلَا أَقُولُ إِنَّهُ خَالُ الْمُؤْمِنِينَ، فَإِنَّهُ أَخَذَهَا بِالسَّيْفِ غَصْبًا؟ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: هَذَا قَوْلُ سَوْءٍ رَدِيءٌ، يُجَانَبُونَ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ، وَلَا يُجَالَسُونَ، وَنُبَيِّنُ أَمْرَهُمْ لِلنَّاسِ]. السنة لأبي بكر بن الخلال (2/ 434)

وأخيرا، وفقنا الله واياكم لما يحب ويرضى ،،،،

اترك ردّاً