الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه وبعد:
فقد نشر أحد الرافضة هذه الصورة من كتاب تاريخ الإسلام للإمام شمس الذهبي:
وللرد على هذا الاستدلال أقول:
أبو جهم هذا صحابي من مسلمة الفتح، وهذا الكلام نقله الذهبي من الطبقات الكبرى لابن سعد!
وقد تُوُفِّيَ أبو جهم في خلافة معاوية أو بعدها بقليل.
وأما ابن سعد فمتوفى سنة 230 هجرية، وولد سُنَةَ 168، فبين وفاة أبي جهم وولادة ابن سعد أكثر من قرن من الزمان!
فهناك انقطاع كبير بين ابن سعد وبين أبي جهم، وأول شروط صحة الرواية عندنا هو اتصال السند! فالرواية أصلًا من حيث الصحة لا تثبت!
وعلى فرض صحة الرواية فالصحابة ليسوا جميعًا على درجة واحدة من الإيمان والتقوى والورع! بل هناك مَن هو في أعلى الدرجات مثل أبي بكر وعمر وعثمان وعليِّ، ويليهم بقية العشرة المبشرين بالجنة، ويليهم أصحابُ بيعة الرضوان. وهناك مَن هو دونهم في الإيمان والمكانة والمنزلة! فما الذي سيحدث إذا كانت الرواية صحيحة؟!
هل فرح أحد الصحابة لمقتل أمير المؤمنين سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يطعن في منزلته؟! هل مخالفة صحابي واحد لعمر يطعن فيه؟! وهل حرب علي بن أبي طالب رضي الله عنه طلحة والزبير رضي الله عنهما في معركة الجمل وحربه معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه في معركة صفين حَطَّتْ من شأن عليٍّ رضي الله عنه ومنزلته؟!
طيب أليس هذا الرافضي يزعم أنه يتبع عليَّ بن أبي طالب رضي الله عنه؟! فماذا قال علي بن أبي طالب عن عمر رضي الله عنهما؟!
فهذه روايات تقهر هذا الرافضي روى الإمامُ أحمد في مسنده: عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ، قال سَمِعْتُ عَلِيًّا، يَقُولُ: [خَيْرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَلَوْ شِئْتُ لَحَدَّثْتُكُمْ بِالثَّالِثِ].
مسند أحمد ط الرسالة (2/ 224). إسناده صحيح على شرط الشيخين.
عَنْ وَهْبٍ السُّوَائِيِّ، قَالَ: خَطَبَنَا عَلِيٌّ، فَقَالَ: ” مَنْ خَيْرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا؟ ” فَقُلْتُ: أَنْتَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ: ” لَا خَيْرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ عُمَرُ، وَمَا نُبْعِدُ أَنَّ السَّكِينَةَ تَنْطِقُ عَلَى لِسَانِ عُمَرَ.
مسند أحمد ط الرسالة (2/ 201).
عَنِ الْمُسَيَّبِ بْنِ عَبْدِ خَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَامَ عَلِيٌّ فَقَالَ: ” خَيْرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، وَإِنَّا قَدْ أَحْدَثْنَا بَعْدَهُمْ أَحْدَاثًا يَقْضِي اللهُ تَعَالَى فِيهَا مَا شَاءَ “.
مسند أحمد ط الرسالة (2/ 247).
الأولى من رواية أبي جحيفة، والثانية من رواية وهب السوائي، والثالثة من رواية عبد خير.
وكلهم من تلاميذ علي بن أبي طالب، وهذه الرواية أقوى من كل كتب الرافضة من حيث الثبوت، ثم نختم بشهادة محمد بن علي بن أبي طالب!
عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ قَالَ قُلْتُ لِأَبِي أَيُّ النَّاسِ خَيْرٌ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ قُلْتُ ثُمَّ مَنْ قَالَ ثُمَّ عُمَرُ وَخَشِيتُ أَنْ يَقُولَ عُثْمَانُ قُلْتُ ثُمَّ أَنْتَ قَالَ مَا أَنَا إِلَّا رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ. صحيح البخاري حديث رقم 3671
وشهادة محمد بن علي بن أبي طالب شهادة عزيزة، والحنفية أمه، وأبوه علي بن أبي طالب!
وهنا علي بن أبي طالب يرجو الله أن يلقاه بمثل عمل عمر بن الخطاب!!
قال ابن عباس: وُضع عمر على سريره فتكنفه الناس يدعون ويصلون قبل أن يُرفع وأنا فيهم، فلم يرعني إلا رجل آخذ منكبي فإذا عليُّ بن أبي طالب فترحَّمَ على عمر وقال: ما خَلَّفْتُ أَحَدًا أحب إليَّ أن ألقى الله بمثل عمله منك، وايم الله إن كنتُ لأظن أن يجعلك الله مع صاحبيك، وحسبتُ أني كنتُ كثيرًا أسمع النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول: ذهبت أنا وأبو بكر وعمر ودخلت أنا وأبو بكر وعمر وخرجت أنا وأبو بكر وعمر. صحيح البخاري.
وابن عباس من آل البيت وهو الذي نقل شهادة علي بن أبي طالب! فماذا يضر عمرَ عند الرافضة بعد شهادة علي بن أبي طالب له؟! وهل شهادة أبي جهم – إن صحت – مقدمة عند الرافضة على شهادة علي بن أبي طالب رضي الله عنه؟!
ولكن الرافضة قوم بُهت؛ يتركون الروايات الصحيحة المقطوع بصحتها، ويحتجون علينا بالأباطيل والمنكرات والروايات المنقطعة!
والحمد لله رب العالمين ،،،،