الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه وبعد.
فهذا اعتراض من أحدهم جاء مُستهزئًا بردي على النصراني ” الأخ وحيد” في حلقة الآيات التسعة المذكورة في سورة الإسراء، فيقول:.
فأجبته قائلا:
أهلا بك يا ……..
وهل أنا قلت في الحلقة إن آيات موسى تسعة فقط؟! أنا كلامي عن الآيات المقصودة في قوله تعالى: {ولقد آتينا موسى تسع آيات بينات}.
ولكني لم أقل أبدًا إن آيات موسى كانت تسعة فقط!! حتى ابن كثير نفسه يقول:
[وقد أوتيَ موسى، عليه السلام، آيات أخر كثيرة، منها ضربه الحجر بالعصا، وخروج الأنهار منه، ومنها تظليلهم بالغمام، وإنزال المن والسلوى، وغير ذلك مما أوتوه بنو إسرائيل بعد مفارقتهم بلاد مصر، ولكن ذكر هاهنا التسع الآيات التي شاهدها فرعون وقومه من أهل مصر، وكانت حجة عليهم فخالفوها وعاندوها كفرا وجحودا ]. تفسير ابن كثير (5/ 125)
وهذه الآيات التسع المقصودة حدثت – كما يوضِّح ابنُ كثير – لكي يؤمن فرعون وقومه، وأما شق الماء فليست من المعجزات التي فعلها موسى لكي يؤمن فرعون وقومه ويهتدوا مثل الآيات التسعة، بل كانت معجزة شق الماء لإغراقهم. وكذلك معجزة إخراج الماء من الصخر كانت بعد إهلاك فرعون. فليس لها علاقة بفرعون.
ولذلك قال الله سبحانه وتعالى: { وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ وَظَلَّلْنَا عَلَيْهِمُ الْغَمَامَ وَأَنزَلْنَا عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ }.
وواضح من قوله تعالى: { إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ } أن الآية كانت خاصة لبني إسرائيل، وليس لها علاقة بفرعون وقومه.
وأما الرجز فهو العذابُ الـمُنْصَبُّ على فرعون وقومه في الآيات المذكورة بشكل عام، فلا شك أن الجدب والقحط ونقص الثمرات والجراد والضفادع والقمّل والدم نوع من العذاب، وهو الرجز المقصود. كما قال الله تعالى بعد ذكر الآيات المقصودة: { وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قَالُواْ يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِندَكَ لَئِن كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَآئِيلَ (134) فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَى أَجَلٍ هُم بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنكُثُونَ (135) فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَكَانُواْ عَنْهَا غَافِلِينَ (136)}.
فكان فرعون وقومه كلما أنزل الله عليهم آيات من الآيات طلبوا من موسى أن يدعو ربه أن يرفع عنهم العذاب( الرجز )، مع أنهم وعدوه أنهم إذا رُفِعَ عنهم العذابُ سيؤمنون، ولكنهم كانوا ينكثون في كل مرة، فلذلك انتقم الله منهم فأغرقهم في البحر.