الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه وبعد
فأحد الملاحدة – الذي يظن نفسه عبقريًا – زعم أنه اكتشفَ في القرآن الكريم تناقضاتٍ لم يسبقه إليها أحدٌ من قبل !!
فيقول: [بنى إسرائيل بحسب القران صنعوا العجل اولا ثم طلبوا من موسى رؤية الله ام طلبوا رؤية الله ثم صنعوا العجل ؟؟ ].
———————–
وتفصيل شبهة الملحد أن في سورة البقرة جاء ذِكْرُ قصة اتخاذهم العجل أولا ثم ذُكِرَ طلبُهُم من موسى رؤية الله! كما قال تعالى: { وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَاقَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (54) وَإِذْ قُلْتُمْ يَامُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (55) ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (56) } [البقرة: 54 – 56].
وأما في سورة النساء فجاء ذِكُرُ طلبهم رؤيةَ الله أولًا ثم جاء ذِكْرُ اتخاذهم العجل ! كما قال سبحانه وتعالى:
{ يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَنْ ذَلِكَ وَآتَيْنَا مُوسَى سُلْطَانًا مُبِينًا } [النساء: 153].
وأنا في الحقيقة يعجبني الكلام مع الملحد الذي يرى نفسه عبقريًا، لأنه في العادة يكون من أجهل الناس! وتستطيع أن تبين جهله بمجرد الرجوع للآية أو الحديث الذي يستدل به!!
فأقول وبالله التوفيق:
لا يوجد أيُّ تناقضٍ بين الآيات، ففي سورة النساء ذَكَرَ اللهُ الترتيبَ بلفظ { ثم }، كما قال تعالى: {فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ }.
وحرف { ثم } في اللغة العربية يفيد العطف مع الترتيب كما هو معروف، فإنْ قلتَ: جاء أحمد ثم محمد، فلا يمكن أن يكون محمدٌ قد جاء قبل أحمد، لأنكَ استخدمتَ حرف { ثم } الذي يفيد الترتيب.
وأما في سورة البقرة فلم يَذْكُر اللهُ سبحانه وتعالى القِصَّتَينِ بلفظ { ثم }، بل كان الله عز وجل يُعَدِّدُ عليهم جرائمهم، فذكر الله أكبر جرائمهم أولًا وهو اتخاذ العجل ، ثم ذَكَرَ ما هو أقل منها ، وهكذا.
وأنت أخي القارئ الكريم إذا سألوك: هل عبادة اليهود للعِجْل من دون الله أعظم شَرًّا وأكبر ذنبًا أم طلبهم رؤية الله في الدنيا ؟!
فسيكون جوابك فورًا أن عِبَادَة العِجْلِ من دون الله هو الذنب الأعظم، لأن عبادة العجل من الشِّرْكِ الأكبر الذي يُخْرِج صاحبَه من الملة ويجعله خالدًا مخلدًا في نار جهنم، كما قال تعالى: { إن الله لا يغفر أن يُشْرَكَ به ويغفرُ ما دون ذلك لمن يشاء }. وأيضا ذَكَرَ الله لنا قول المسيح عليه السلام: { إنه من يشرك بالله فقد حَرَّمَ اللهُ عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار }، والشرك بالله سبب لحبوط الأعمال، كما قال سبحانه: { ولو أشركوا لَحَبِطَ عنهم ما كانوا يعملون }، وقال سبحانه للنبي صلى الله عليه وسلم: { ولقد أوحِيَ إليك وإلى الذين من قبلك لِئِنْ أشركتَ ليحبطنَّ عَمَلُكَ ولتكوننَّ من الخاسرين }، ولذلك قال لقمان الحكيم لابنه في موعظته: { يا بُنَيَّ لا تشركْ بالله إن الشرك لَظُلْمٌ عَظِيم }.
وإذا رجعنا لسورة البقرة مرة أخرى سنجد أن الله فَصَل بين القصتين: قصة عبادة العجل وقصة طلب الرؤية بقوله: { وإذْ }، وهذا الحرف لا يفيد الترتيب على الإطلاق، وهذا أيضًا من دقة القرآن الكريم، ففي الترتيب الزمني للأحداث ذكر الله القصتين بكلمة { ثم } الذي يفيد الترتيب، وفي تعديد الله جرائم بني إسرائيل ذكرها بحرف { و } الذي لا يفيد الترتيب، فقال سبحانه: { وَإِذْ قُلْتُمْ يَامُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً }. فلا يوجد أدنى تناقض بين الآيات القرآنية على الإطلاق. وهكذا ماتت شبهة الملحد العبقري قبل أن تولد! لكن الملحد العبقري يظن أن أي كلام يأتي بعد كلام فهو مرتب زمنيا !!
ولا عَجَبَ!! فالملحد – الذي يؤمن أنه مجرد حثالة كيمائية وُجِدَتْ على ظهر كوكب متوسط الحجم، كما يقول الملحد ستيفن هوكينج – لا يُسْتَغْرَبُ منه مثل هذا الجهل الطافح !!
—————-
والحمد لله رب العالمين ،،،،
لله درك .. ولو أنك اخرجته من مستنقعه القذر ولكنك ألجمته ثم أرجعته للمستنقع اللذي خرج منه 👍🏻 .