سلسلة نبوءات ملفقة
نسل المرأة الذي يسحق رأس الحية
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه وبعد.
فمسلسل تلفيق النبوءات حول يسوع المسيح لم يقف عند كُتَّابِ العهد الجديد، حتى قام النصارى في زماننا هذا فجعلوا كثيرًا من نصوص العهد القديم نبوءات تتحدث عن يسوع!
ولكن بعد البحث والتنقيب والدراسة نجد ان جميع هذه النصوص لا تتعلق بيسوع لا من قريب ولا من بعيد
فيرى موقع سانت تكلا في هذا نص سفر التكوين 3 – 15، نبوءةً عن يسوع المسيح:
[ وأضع عداوة بينك وبين المرأة وبين نسلك ونسلها. هو يسحق رأسكِ وأنتِ تسحقين عَقِبَه ].
فقالوا إن تصديق هذا النص جاء في:
1. كولوسي 2 – 15: [ إذ جرَّد الرياسات والسلاطين أشهرهم جهاًرا ظافرًا بهم فيه ].
2. عبرانيين 2 – 14: [فإذ قد تشارك الأولاد في اللحم والدم اشترك هو أيضا كذلك فيهما لكي يبيد بالموت ذاك الذي له سلطان الموت أي إبليس ].
3. غلاطية 4 : 4 : [ ولكن لما جاء ملء الزمان أرسل الله ابنه مولودًا من امرأة مولودًا تحت الناموس ].
4. رؤيا يوحنا 5 – 12 يقول: [ قائلين بصوت عظيم مستحق هو الخروف المذبوح أن يأخذ القدرة والغنى والحكمة والقوة والكرامة والمجد والبركة ].
ولاشك أن هذا الكلام كله كذب في كذب في كذب !
وللرد على هذه المزاعم أقول وبالله التوفيق:
أولا: من يقرأ هذا النص متأملا إياه سيكتشف أنه لا توجد أي علاقة بين ما جاء في سفر التكوين 3 – 15 وبين هذه النصوص !!
فالرب في هذا النص يخاطب الحية (أي إبليس) قائلا له هذا الكلام.
فنسل إبليس بالكامل سيكون عدوًا لنسل المرأة (حواء) بالكامل.
لكن النصارى حصروا “نسل المرأة” في يسوع فقط !!
مع أن النص يتحدث صراحة عن نسل حواء جميعًا، ومع ذلك حَصَرَ النصارى نسل المرأة في يسوع فقط !!
ثانيًا: هل سحق يسوع بالفعل رأس الشيطان؟!
مَن يتأمل حياة يسوع على الأرض بحسب ما جاء في العهد الجديد ؛ فسيعرف يقينًا أن الشيطان هو الذي سحق رأس يسوع!!
فرغم حادثة الصلب المزعومة – التي طُحِنَ فيها يسوع طحنًا بحسب العهد الجديد – ؛ إلا أن الأرض كلها مازالت ترزح تحت نير المعاصي والذنوب، وبالتالي ترزح تحت نير العقوبات التي فرضها الرب على آدم وامرأته (حواء).
فكيف يقال إن يسوع سحق رأس الشيطان ؟!
ثالثا: يسوع يقول عن نفسه: [ أنا لا أقدر أن أفعل من نفسي شيئا ]. يوحنا 5 – 30
فكيف لهذا العاجز الذي لا يستطيع أن يفعل من نفسه شيئا أن يسحق الشيطان؟!
رابعا: ستناول نصوص العهد الجديد التي يزعم النصارى أنها تحقيق لما جاء في سفر التكوين 3 – 15
النص الأول: كولوسي 2 – 15: [ إذ جرَّد الرياسات والسلاطين أشهرهم جهاًرا ظافرًا بهم فيه ].
فهل هذا النص تحقق بالفعل عن يسوع؟!
من ينظر في قصة صلب يسوع التي دَوَّنَهَا كَتَبَةُ العهدِ الجديدِ سيعرف يقينًا أن الذي حدث هو العكس تماما، فأصحاب الرياسة والسلاطين – مثل بيلاطس – هم الذين جَرَّدوا يسوع من كل شيء: فجردوه من كرامته ووضعه الاجتماعي وحريته بل جردوه حتى من حياته التي انتهت بموتٍ مُهِين على خشبة الصليب !!
وهذه الميتة الشنيعة التي تقول عنها التوراة إنها ميتة الملعونين الأنجاس !!
فيقول كاتب سفر التثنية:
[ وإذا كان على إنسان خطيةٌ حقها الموت فَقُتِلَ وعَلَّقْتَهُ على خشبة. فلا تَبِتْ جثتُه على الخشبة بل تدفنه في ذلك اليوم. لأنَّ الـمُعَلَّقَ مَلعونٌ من الله. فلا تنجس أرضك التي يعطيك الرب إلهك نصيبا ].
فإذا كان يسوع قد مات هذه الميتة المهينة؛ فكيف يقال إنه خرج ظافرًا منتصرًا ؟!
بل الصحيح أن يقال إنه خرج من الدينا مهزومًا مدحورًا يلاحقه الخزي والعار!
النص الثاني:
[فإذ قد تشارك الأولاد في اللحم والدم اشترك هو أيضا كذلك فيهما لكي يبيد بالموت ذاك الذي له سلطان الموت أي إبليس ]. عبرانيين 2 – 14
فهل يسوع أباد إبليس؟!
العكس هو الصحيح، فإبليس هو الذي أباد يسوع وهزمه وقضى عليه، ولازال إبليس يسرح ويمرح بيننا ويغوي الناس ويوسوس بينهم ويملأ قلوبهم بالشر والفساد والخطايا والآثام، بينما يسوع لا يراه أحد ولا يُسْمَعُ صوتُهُ !!
النص الثالث:
[ ولكن لما جاء ملء الزمان أرسل الله ابنه مولودًا من امرأة مولودًا تحت الناموس ]. غلاطية 4 : 4
ليس يسوع وحده الذي يدعى ابنَ الله، بل كثيرون قيل عنهم أبناء الله!!
1. آدم: [ آدم ابن الله ]. لوقا 3 – 38
2. سليمان: [ وقال لي إن سليمان ابنك هو يبني بيتي ودياري ، لأني اخترته لي ابنًا ، وأنا أكون له أبًا ]. أخبار الأيام الأولى 28 – 6
3. صُنَّاع السلام: [ طوبى لصانعي السلام.لأنهم أبناء الله يُدْعَوْنَ ]. متى 5 – 9
4. بنو إسرائيل: [ وكان ذات يوم أنه جاء بنو الله ليمثلوا أمام الرب وجاء الشيطان أيضًا في وسطهم ]. أيوب 1 – 6
5. المؤمنون: [ وأما كل الذين قبلوه فأعطاهم سلطانًا أن يصيروا أولاد الله أي المؤمنون باسمه ]. يوحنا 1 – 12
فكلُّ هؤلاء المذكورين في هذه النصوص دُعُوا أبناءَ الله، فالنص ينطبق عليهم جميعا.
وأما قوله [مولودًا من امرأة ]، فهذا الوصف أيضا ينطبق على جميع المذكورين، لأنَّ كل هؤلاء مولودون من امرأة !!
ثم ما علاقة هذا بما جاء في التكوين 3 – 15 بأن نسل آدم سيسحق رأس الشيطان؟!
أين في هذا النص أن يسوع سحق رأس الشيطان؟!
النص الرابع:
[ قائلين بصوت عظيم مستحق هو الخروف المذبوح أن يأخذ القدرة والغنى والحكمة والقوة والكرامة والمجد والبركة ]. رؤيا يوحنا 5 – 12.
نسأل النصارى سؤالًا مباشرًا: هل يسوع أخذ القدرة والغنى والحكمة والقوة والكرامة والمجد والبركة؟!
1. بخصوص القدرة والقوة: فيسوع – كما ذكرتُ – يقول عن نفسه: [ أنا لا أقدر أن أفعل من نفسي شيئا ]. يوحنا 5 – 30
فأين قدرة يسوع؟!
2. بخصوص الغِنَى: فيسوع كان فقيرًا، ولم يكن من أصحاب الأموال.
3. بخصوص الحكمة: فهل من يفعل هذا الفعل يكون حكيمًا؟!
ينقل لنا كاتب إنجيل يوحنا عن يسوع أنه: [ قام عن العشاء وخلع ثيابه وأخذ منشفة واتزر بها. ثم صب ماءً في مِغْسَل وابتدأ يغسل أرجل التلاميذ ويمسحها بالمنشفة التي كان مُتَّزِرًا بها ]. يوحنا أصحاح 13
هل هذا تَصَرُّفٌ يليق بشخص حكيم أم شخص غير سوي؟!
هل يوجد إنسان حكيم يخلع ملابسه أمام تلاميذه ثم يتزر بمنشفة فقط، ثم بعد ذلك يمسح أرجل تلاميذه بنفس المنشفة التي يتزر بها، ويجلس لِيَحُكَّ مؤخرتَه في أرجل تلاميذه بهذه الطريقة المريبة؟!
يقول الأب متى المسكين:
[وهذا الإجراء, أي خلع الثياب, يُحتسب خارجاً عن اللياقة بالنسبة لكرامة أي إنسان وسط جماعة، لأنه سيظهر بالملابس الداخلية فقط، هذا الأمر لا يدركه علماء الكتاب الغربيون، فهذا الخلع هو من شأن الخدم والعبيد: أن يقف العبد بالقميص واللباس الداخلي يغسل أرجل أسياده! ولكن المسيح قصد ذلك قصداً ليتراءى أمامهم كعبد وبصورة لا تُنسى].
فأين الحكمة وأين الكرامة عند يسوع بحسب ما تقوله عنه الأناجيل؟!
4. بخصوص الكرامة المجد والبركة: فالعهد القديم يخبرنا أن الـمُعَلَّقَ على الصليب ملعون من الله ونجس كما ذكرنا منذ قليل؛ فأين بركة يسوع وكرامته ومجده بعدما أتته اللعنة والنجاسة بتعليقه على الصليب؟!
وهكذا نرى أن النص المذكور في التكوين 3 – 15 ليس له أي علاقة بيسوع لا من قريب ولا من بعيد، كما أن النصوص التي ذكرها موقع سانت تكلا لا تتوافق ونص سفر التكوين الذي تحدثنا عنه بشيء من التفصيل.
والحمد لله رب العالمين ،،،،
أبو عمر الباحث
غفر الله له ولوالديه