قناة مكافح الشبهات – أبو عمر الباحث
سلسلة الدليل والبرهان في براءة معاوية بن أبي سفيان
من أكاذيب الدكتور عدنان إبراهيم
فِرْية وصف الصحابة لـ معاوية بالطاغية
لتحميل البحث بصيغة pdf اضغط هنا
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
وبعد:
هذه سلسلة ردود علمية على شبهات عدنان إبراهيم حول أمير المؤمنين الخليفة الراشد الصحابي معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه.
ادَّعى عدنان إبراهيم في محاضرة بعنوان طليعة التبيان وهي الأولى من سلسلة (معاوية في الميزان) أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يُلَقِّبُونَ سيدنا معاوية بن أبي سفيان بالطاغية.!
واستدل بما رواه الإمامُ الطبري في تاريخه:
قَالَ الإمامُ الطبري:
{ وَقَالَ هِشَام بن مُحَمَّدٍ، عن أبي مخنف، ولي يَزِيد فِي هلال رجب سنة ستين، وأمير الْـمَدِينَة الْوَلِيدُ بنُ عتبة بن أَبِي سُفْيَانَ، وأمير الكوفة النعمانُ ابنُ بشير الأَنْصَارِيُّ، وأميرُ الْبَصْرَة عُبَيْدُ اللَّهِ بن زياد، وأمير مكة عَمْرو بن سَعِيد بن الْعَاصِ، ولم يكن ليزيد هِمَّةٌ حين وَلِيَ إلا بيعة النفر الَّذِينَ أبوا عَلَى مُعَاوِيَة الإجابة إِلَى بيعة يَزِيد حين دعا الناس إِلَى بيعته، وأنه وَلِيَ عَهْدَهُ بَعْدَهُ، والفراغ من أمرهم الْوَلِيد فِي الأمر وَقَالَ: كيف ترى أن نصنع؟ قَالَ: فإني أَرَى أن تبعث الساعة إِلَى هَؤُلاءِ النفر فتدعوهم إِلَى البيعة والدخول فِي الطاعة، فإن فعلوا قبلت مِنْهُمْ، وَكَفَفْتَ عَنْهُمْ، وَإِنْ أَبَوْا قَدَّمْتَهُمْ فَضَرَبْتَ أَعْنَاقَهُمْ قبل أن يعلموا بموت مُعَاوِيَة، فإنهم إِنْ عَلِمُوا بموت مُعَاوِيَة وَثَبَ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ فِي جانب، وَأَظْهَرَ الخلافَ والمنابذة، ودعا إِلَى نفسه لا أدري، أما ابن عمر فإني لا أراه يرى القتال، وَلا يحب أنه يُوَلَّى عَلَى الناس، إلا أَنْ يُدْفَعَ إِلَيْهِ هَذَا الأمر عَفْوًا فأرسل عَبْد اللَّهِ بْن عَمْرو بْن عُثْمَـانَ- وَهُوَ إذ ذاك غلام حَدَثٌ- إليهما يدعوهما، فوجدهما فِي المسجد وهما جالسان، فأتاهما فِي ساعة لَمْ يَكُنِ الْوَلِيد يجلس فِيهَا لِلنَّاسِ، وَلا يأتيانه فِي مثلها، فَقَالَ: أجيبا، الأمير يدعوكما، فقال لَهُ: انصرف، الآن نأتيه ثُمَّ أقبل أحدهما عَلَى الآخر، فَقَالَ عَبْد اللَّهِ بن الزُّبَيْرِ للحُسَين: ظن فيما تراه بعث إلينا فِي هَذِهِ الساعة الَّتِي لَمْ يَكُنْ يجلس فِيهَا! فَقَالَ حُسَيْن: قَدْ ظننت، أرى طاغيتهم قَدْ هلك، فبعث إلينا ليأخذنا بالبيعة قبل أن يفشو فِي الناس الخبر، فَقَالَ: وأنا مَا أظن غيره قَالَ: فما تريد أن تصنع؟ قَالَ: أجمع فتياني الساعة، ثُمَّ أمشي إِلَيْهِ، فإذا بلغت الباب احتبستهم عَلَيْهِ، ثُمَّ دخلت عَلَيْهِ. قَالَ: فإني أخافه عَلَيْك إذا دخلت، قَالَ: لا آتيه إلا وأنا عَلَى الامتناع قادر فقام فجمع إِلَيْهِ مواليه وأهل بيته، ثُمَّ أقبل يمشي حَتَّى انتهى إِلَى باب الْوَلِيد وَقَالَ لأَصْحَابه: إني داخل، فإن دعوتكم أو سمعتم صوته قَدْ علا فاقتحموا عَلَيَّ بأجمعكم، وإلا فلا تبرحوا حَتَّى أخرج إليكم، فدخل فسلم عَلَيْهِ بالإمرة ومروان جالس عنده، فَقَالَ حُسَيْن، كأنه لا يظن مَا يظن من موت مُعَاوِيَة: الصلة خير من القطيعة، أصلح اللَّه ذات بينكما! فلم يجيباه فِي هَذَا بشيء، وجاء حَتَّى جَلَسَ، فأقرأه الْوَلِيد الكتاب، ونعى لَهُ مُعَاوِيَة، ودعاه إِلَى البيعة، فَقَالَ حُسَيْن: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ! ورحم اللَّه مُعَاوِيَة، وَعَظَّمَ لَكَ الأجر! أما مَا سألتني من البَيْعَةَ فَإِنَّ مِثْلِي لا يُعْطِي بَيعَتَهُ سِرًّا..}.(1)
وللرد على هذا الافتراء أقول:
أولاً: الرواية غير صحيحة:
فسندُها منقطع ومسلسل بالكذابين والرافضة.
والمسلمون لا يقبلون في دينهم إلا حديثاً مقبولًا بقسميه الصحيح والحسن فقط ، ويجب أن تنطبق عليى الصحيح شروط خمس وهي:
-
اتصال السند.
-
عدالة الرواة.
-
ضبط الرواة.
-
انتفاء الشذوذ.
-
انتفاء العلة.
قال الإمام أبو عمرو بن الصلاح:
{ أَمَّا الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ: فَهُوَ الْحَدِيثُ الْـمُسْنَدُ الّذِي يَتَّصِلُ إِسْنَادُهُ بِنَقْلِ الْعَدْلِ الضّابِطِ عَنِ الْعَدْلِ الضّابِطِ إِلَى مُنْتَهَاهُ ، وَلَا يَكُونُ شَاذّاً ، وَلا مُعَلّلاً}.(2)
علل الرواية:
العلة الأولى: هشام بن محمد بن السائب الكلبي.
قال الإمام شمس الدين الذهبي:
{ هشام بن محمد بن السائب الكلبي أبو المنذر الأخباري النسابة العلامة
قال أحمد بن حنبل: إنمـا كان صاحب سَمَرٍ وَنَسَبٍ، ما ظَنَنْتُ أنَّ أحداً يُحَدِّثُ عنه.
وقال الدارقطني وغيره: متروك .
وقال ابن عساكر: رافضي ليس بثقة.
قال الذهبي: وهشام لا يُوثَقُ به }.(3)
الْعِلَّة الثانية: أبو مخنف لوط بن يحيى.
قال الإمام شمس الدين الذهبي:
لوط بن يحيى، أبو مخنف، أخباري تَالِفٌ، لا يُوثَقُ بِهِ.
تركه أبو حاتم وغيره.
وقال الدارقطني: ضعيف.
وقال ابن معين: ليس بثقة.
وقال مَرَّةً: ليس بشيء.
وقال ابن عدي: شيعي محترق، صاحب أخبارهم.
تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَةٍ.(4)
الْعِلَّة الثالثة:
أبو مخنف لم يعاصر فترة وفاة معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه.
وقال الذهبي أنَّ أبا مخنف تُوفي سنة سبع وخمسين ومائة، ولو افترضنا أنه عاش ثمانين سنةً فيكون أبو مخنف قد وُلِدَ سنة سبع وسبعين من الهجرة.
ومعلوم لدينا أنَّ معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه تُوُفِّيَ سنة سِتِّيْنَ من الهجرة.
وهذا يعني أن بين وفاة معاوية وواقعة ووقت القول المزعوم في الرواية على لسان الحسين ما يقرب من سبعة عشر سنةً.!
سبعة عشر عاماً من الانقطاع.!
هذا غير خمسة عشر عاماً على الأقل حتى يَعْقِلَ أبو مخنف ما يسمع.
فكيف عَلِمَ أبو مخنف بهذه الواقعة ، وَمَنِ الذي حَدَّثَهُ بها ؟
لا أشك لحظة واحدة أن القصة كلها من تأليف أبي مخنف هذا لِيُوهِمَ الْأُمَّةَ مِنْ بعده أنَّ الخلاف بين معاوية والحسين رضي الله عنهما كان كبيراً.
ولذلك استحق أنْ يصفه الذهبي بأنه أخباري تالف، لا يُوثَقُ بِهِ.
ثانياً: الرواية تُسِيءُ للحسين رضي الله عنه:
الرواية المكذوبة تُظْهِرُ الحسينَ رضي الله عنه بصورة المنافق.!
تَدَّعِي الرواية أنَّ الحسين رضي الله عنه فرح بموت معاوية وقال: {أرى طاغيتهم قد هلك} وفي نفس الوقت دخل على بني أمية يدعو لمعاوية بالرحمة.!
وكأنَّ الحسين رضي الله عنه رجل متذبذب بلا مبدأ ولا عقيدة راسخة وإيمان ثابت.!
وهل يُظَنُّ في مثل الحسين رضي الله عنه أن يفعل أفعال المنافقين ؟
ثالثاً: عدنان إبراهيم يخالف وصية الرسول:
أقول أنَّ عدنان إبراهيم خَالَفَ وصيةَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم.!
روى الإمام البخاري في صحيحه:
{ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي
فَلَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ }.(5)
فهو دائم السَّبِّ والتطاول على الصحابي الجليل معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه.!
ألم ينظر عدنان إبراهيم فيما يقول قبل أن يقوله ؟ ألم يكن يعلم أن عليه أن يتحقق من صحة السند قبل أن يقول ما قال؟ ألا ينبغي أن يتفكر ولو قليلاً فيما ينقله من روايات مسيئة للصحب الكرام قبل نقلها ؟ ألا يعلم أنه بكلامه لهذا قد أساء للحسين قبل معاوية رضي الله عنها؟
كيف يَدَّعِي عدنان إبراهيم أن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يُسَمُّونَ معاويةَ بالطاغية معتمداً على رواية ساقطة الإسناد والمتن مثل هذه ؟
فهل ترى أيها القارئ الكريم أن عدنان إبراهيم رَاعَى وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
لقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم وجود الصحابة في الامة دليل على خيريتها.
روى الإمام ابن أبي شيبة في مصنفه:
{ عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الأَسْقَعِ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : لاَ تَزَالُونَ بِخَيْرٍ مَا دَامَ فِيكُمْ مَنْ رَآنِي وَصَاحَبَنِي , وَاللهِ لاَ تَزَالُونَ بِخَيْرٍ , مَا دَامَ فِيكُمْ مَنْ رَأَى مَنْ رَآنِي , وَصَاحَبَ مَنْ صَاحَبَنِي , وَاللهِ لاَ تَزَالُونَ بِخَيْرٍ , مَا دَامَ فِيكُمْ مَنْ رَأَى مَنْ رَأَى مَنْ رَآنِي , وَصَاحَبَ مَنْ صَاحَبَ مَنْ صَاحَبَنِي }.(6)
فاللهَ اللهَ في الصحابة يا عدنان، واتق الله في نفسك، وانهها عن غيها، واعلم أنك بين يدي ربك موقوف ، وهو سائلك عما تقول، فَأَعِدَّ للسؤال جواباً. وعند الله تجتمع الخصوم.
مراجع البحـث:
(1) تاريخ الرسل والملوك للإمام محمد بن جرير الطبري ج5 ص338، ط دار المعارف – مصر، ت: محمد أبو الفضل إبراهيم.
(2) علوم الحديث للإمام أبي عمرو بن الصلاح ص11، ط دار الفكر المعاصر – لبنان ، دار الفكر – سوريا ، ت: نور الدين عنتر.
(3) ميزان الاعتدال في نقد الرجال للإمام شمس الدين الذهبي ج7 ص88 ، ط دار الكتب العلمية – بيروت.
(4) ميزان الاعتدال في نقد الرجال للإمام شمس الدين الذهبي ج5 ص508 ، ط دار الكتب العلمية – بيروت.
(5) صحيح البخاري للإمام محمد ابن إسماعيل البخاري ص903 ح3673 ، ط دار بن كثير – بيروت.
(6) المصنف للإمام أبي بكر بن أبي شيبة ج17 ص309 ط دار القبلة- جدة، مؤسسة علوم القرآن – دمشق، ت: محمد عوامة.
تمت بحمد الله
كتبه أبو عمر الباحث
غفر الله له ولوالديه
الرد على هذه الفرية مصوراً
[youtube=http://www.youtube.com/watch?v=LDfbeFUAYL8]
بارك الله فيك
وفيك بارك ربي جلَّ وعلا
لا الله الا الله
مدير موقع قوت القلوب
الله يرضي عنك يا ابو عمر