إلجام المُنكرين لرؤية رب العالمين

الحمد لله , والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:

بعد إصابة عدد كبير من أتباع ومحبي عدنان إبراهيم بصدمة فيه جرَّاء حلقات مكافح الشبهات، وخصوصًا الحلقة التي تم تفنيد أباطيل وافتراءات عدنان إبراهيم حول رؤية المؤمنين ربهم يوم القيامة كتب أحدُهم على الفيس بوك على صفحة قناة البينة تعليقًا يقول فيه:

————————–

تعجبني منهجية البحث التي يعتمدها الاخ مكافح الشبهات و المجهود المبذول لكن المؤاخذ عليه هو ان النتائج التي يخلص اليها غالبا تكون هي مقدمة –مضمرة – و ليست نتيجة –طبيعية-.

فمن العنوان يبدو ان هنالك عدنان ينطق بالحق وآخر ضال أي أن هنالك أحد العدنانيين يوافق قول مكافح الشبهات – السؤال هو هل عدنان من الغباء بأن يقع في هذا التناقض. لا اضن ذلك بل هنالك سوء تفاهم في عرض هذه المقاطع و طريقة ترتيبها.

1-عرض عدنان ابراهيم في دروسه هو جرد لمبادئ اصول الفقه بالنسبة لأهل السنة ورأيهم في رؤية الله وعذاب القبر من خلال مصادرهم المعتمدة لديهم لأن مخالفة عدد من الرق الاسلامية لمنهج اهل السنة او بعض الأحاديث المعتمدة لديهم هو الدي الى ضهور الفرق الاسلامية واقول الاسلامية وليس الكفرية -لان اهل السنة كفرو مخالفهم في هذه المسألة وهي المسألة التي جعلت عدنان ابراهيم يحضر خطبة رؤية الله و التي استعرض فيها ادلة اهل السنة من القرآن و ليس فقط من الحديث.

أما البيت الشعري فبالبحث على الشبكة العنكبوتية تجد من ينسبه الى حسان بن تابث و تجده في مراجع أخرى غير الديوان الذي لم اقرأه لكن قد يكون لحسان ابن ثابث اشعارا لم تدون فيه و لو لم يكن البيت الشعري محل خلاف لما أورده الفخر الرازي كما دكرت في كتابه.

2- مسألة الرؤية لو كانت بهذا الوضوح في الاستدلال لأجمعت عليها الامة و لما تفرقت حولها . و المخالفون لهم أيضا ادلة واضحة و معقدة أورد ما وجدته في الموضوع يقول الله تعالى ( لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير- وقال لموسى حين طلب منه رؤيته ( قال لن تراني ) وهذا نفي مطلق غير مقيد بزمان او مكان -وقد يستدل البعض في هذه الآيه ( وجوه يومئذ ناضره الى ربها ناظره ) الجواب هو : قوله ( ناظره ) هذه لا تعني الرؤيه بل تعني الانتظار فلنتدبر قوله تعالى ( هل ينظرون الا الساعة أن تأتيهم بغتة وهم لا يشعرون( فنستنتج ان النظر معناه الانتظار وليس الرؤيه وقوله تعالى ( ولا يكلمهم الله ولا ينظر اليهم ) فهل معنى هذه الآيه ان الله لا يراهم ؟؟؟ بل معناها لا ينظر اليهم بعين الرحمه .. كذلك هم ينظرون رحمته في قوله تعالى ( الى ربها ناظره ) ولو اكملنا الآيه لفهمنا المعنى قال تعالى ( وجوه يومئذ ناضره الى ربها ناظره ووجوه يوئذ باسره تظن ان يفعل ها فاقره )معناه ان الكافر لم يعذب الى الآن بل يظن ان يعذب وينتظر العذاب كذلك المسلم ينتظر النعيم فكيف يرى المسلم ربه ولم يحاسب الله الناس الى الآن ؟؟ وقد يستدل البعض ايضا بقوله تعالى ( كلا انهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ) ويقول ان الحجب هنا يعني حجب الرؤيه !!! ولكن هذه لا تعني الحجب عن رؤية الله بل الحجب عن رحمته ولو اكملنا الآيه لعرفنا قال تعالى ( كلا انهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ثم انهم لصالو الجحيم ) اي انهم لم يدخلوا الجحيم بعد وهذا يعني ان المؤمنين لم يدخلوا الجنة بعد اذا كيف يرون ربهم ؟؟ بالتأكيد انه يقصد محجوبون عن رحمته ثم ان رؤية الله تعني انه محدود وله جسم محدود وله مكان معين ويحويه مكان وهذا خاطئ فالله موجود قبل ان يخلق المكان

-3 الانتقال الى نتائج لا علاقة لها بالبحث من باب اخراج عدنان من مذهب الاشاعرة او كونه ليس شافعيا بناء على ما تقدم لا يمت الى المنهج العلمي بصلة فالاسلام أوسع من المذاهب التي لا تعدو اجهادات بشرية .

——————–

فكتبتُ رَادًّا على هذا الكلام أقول:
حينما يعتقد الإنسانُ شيئًا تؤيده كلُّ الأدلة المتواترة وإجماع الصحابة ، ولم يخالف فيه إِلَّا أهلُ البدع والضلالات. وهذا الإنسان بنفسه كان يرد على نفس أهل البدع هؤلاء، ويُفَنِّدُ أقوالَهم وشبهاتِهم حول هذه القضايا الإيمانية، ثم بعد ذلك نراه يردد ويكرر هذه الشبهاتِ التي رَدَّ عليها بنفسه ولا يذكر الردَّ عليها فاعلمْ أنك أمام شخصٍ ضالٍّ منحرفٍ زائغٍ عن الحق.
فتكوين فكرة معينة في العقل عن شخصٍ فَعَلَ هذه الفعلةَ الشنيعة أنه ضال زائغ ليس من الخطأ في شيء.
فأنا أعلم يقينًا أَنَّ أحاديث رؤية المؤمنين ربهم متواترة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنها بلغت درجة العلم اليقيني القطعي. كما شهد بذلك عدنان إبراهيم في الشريط 25 من سلسلته عن العقيدة !
1. تقول: [  السؤال هو هل عدنان من الغباء بأن يقع في هذا التناقض. لا اضن ذلك بل هنالك سوء تفاهم في عرض هذه المقاطع و طريقة ترتيبها ].
وأقول لك: بل تخطَّى الأمر ذلك عند عدنان إبراهيم نفسه، إذْ أنه لا يعترف فقط بهذا التناقض، بل يفتخر به ويعتبره شرف المفكر !!!!!!
بل قال عدنان أن من لم يتناقض مع نفسه فلا يستحق لقب ( المفكر ) !!

2. تقول ما معناه [ إن عدنان كان يعرض عِلْم أصول الفقه بشكل مجرد لمبادئ هذا العلم عند أهل السنة وآرائهم إلخ … ].
وهذا لا يقوله شخص سمع درسًا واحدًا لعدنان إبراهيم في أصول الفقه أصلا ؛ فَضْلًا على أن يكون قد سمع سلسلة أصول الفقه له كاملة.
فعدنان في هذه السلسلة كان يخرج عن النص كثيرا، ويضع رأيه ولم يوافق أهلَ السنة والجماعة في كثير من آرائهم خلال هذه السلسلة.
لذلك أنصحك أن تسمع هذه السلسلة بصدق، لتعلم كيف ضَلَّ عدنانُ إبراهيم طريقَه.
المضحك في الأمر أن عدنان في خطبته أخذ يذكر أدلةَ المخالفين لأهل السنة ولم يردَّ عليها بنفس الردود التي فنَّدَ بها استدلالاتِ المخالفين وسحقها وَمَحَقَهَا تمامًا !!
ولو عدتَ بنفسك لسلسلة العقيدة لعدنان بنفسه ستجده في الحلقة 25 والحلقة 26 ينسف أدلة المخالفين نسفًا !!
بل الكارثة الكبرى في كل هذا أن عدنان في خطبته قال رَادًّا على من يقول أن الله يُرى في الآخر: [ أقول له روح أدرس أصول فقه في الأول ].
يعني عدنان بنفسه هو الذي يُحِيلُنَا في خطبته إلى دراسة أصول الفقه ! فكيف تنكر علينا استدلالنا بكلامه في أصول الفقه ، وهو الذي طلب منا أن نعود لهذا العلم ؟!!!

ونحن لم نعد فقط لهذا العلم لأي شيخ آخر، وإنما أتينا بكلام عدنان نفسه !!!!!!!!!!

3. بخصوص بيت الشعر، فقد زعم عدنان أنه موجود في ديوان حسان، فلماذا تحيلنا أنت إلى الشبكة العنكبوتية أو إلى كُتُبٍ أخرى ؟!!
ثم إن عدنان لم يكتفِ بعزو البيت إلى حسان بن ثابت، بل قام بتحريفه ليتناسب مع فِكْرَتِهِ المنحرفة !
فزعم عدنان أن الرحمن المذكور في هذا البيت هو الله، في حين أن الشعر يقصد بالرحمن مسيلمة الكذاب، لأنه كان يُسمَّى عند أتباعه برحمن اليمامة !!
كُنْ صادقًا مع نفسك ولا تدافع عنه دفاعَ المتعصب الذي لا يَرَى إلا رَأْيَ شيخِهِ فقط !!

4. تقول: [  مسألة الرؤية لو كانت بهذا الوضوح في الاستدلال لأجمعت عليها الامة و لما تفرقت حولها ].
أستطيع الرد على هذه الفكرة الخاطئة بعدة وجوه:
الأول: أن الحق لا يحتاج لإجماع أهل البدع مع عموم أهل الإسلام حتى نقول إنه الحق.
وإلا فأنت ستوقع نفسك في تناقضات كبيرة وكثيرة ، منها أن الخوارج الإباضية النواصب لا يؤمنون بعدالة علي بن أبي طالب رضي الله عنه. مع أن الأدلة في عدالة علي بن أبي طالب عليه السلام متواترة وكثيرة، فسيقول لك بعضهم: لو كانت أدلة عدالة علي بن أبي طالب رضي الله عنه بهذا الوضوح فلماذا لم تجمع عليها الأمة الإسلامية، واختلفت حولها ؟!

ونفس المثال مع الشيعة الرافضة بخصوص أبي بكر وعمر وعثمان وعائشة وحفصة رضي الله عنهم جميعًا !
وتستطيع أن تقيس على هذا المثال في عدالة الحسن والحسين عليهما السلام، وكذلك عدالة بقية الصحابة، فالشيعة يخالفون المسلمين في عدالة أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم أيضًا كما قلنا !!
بل والأغرب من هذا أنه من الممكن أن يقول لك بعضهم: لو كان الإسلام نفسه دين الحق فكيف يخالفكم فيه مليارات البشر الذين لا يؤمنون به ويعتبرونه مُزَيَّفًا ؟!!
وعليه أقول أن الحق إذا ثبت بدليله الصحيح المعتبر عند العلماء، فليس لنا أن نقيس الحق بمسألة الكثرة بنفس هذه الطريقة.
الثاني: كيف نحتج بقول وفَهْمِ أشخاص أو جماعات نحن نعلم يقينًا أنهم خالفوا الحق الواضح الصريح في كبرى المسائل الإيمانية والمنهجية والفقهية ؟!!
الثالث: لقد أمرنا الله عَزَّ وَجَلَّ وكذلك أمرنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأن نتمسك بما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه.
كما جاء في كتاب الله قوله تعالى: { والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه … }.
وفي هذه الآية إخبار من الله تعالى أن من يتبع هؤلاء الصحابة المذكورين بإحسان فسيرضى الله عنه كما رضي عن هؤلاء الصحابة.
وقد ثبت تواترُ هؤلاءِ الصَّحَابَة بأنهم نقلوا عن النبي صلى الله عليه وسلم رؤية المؤمنين ربَّهُمْ يومَ القيامة.
الرابع: أن الأمة بالفعل كانت متفقةً على هذا القول برؤية المؤمنين ربهم في الجنة، ويشهد على ذلك جيل الصحابة والتابعين وأقوالهم إلى أَنْ ظَهَرَ أَهْلُ البدع فَأَوَّلُوا النصوصَ القرآنية وَحَرَّفُوا معانيها، وتركوا سُنَّةَ الرسول صلى الله عليه وسلم المتواترة قطعية الثبوت والدلالة عنه في هذه المسألة وغيرها.
الخامس: عدنان إبراهيم رَدَّ أيضا على هذه الفكرة بنفسه من قبل وقال: [ إذا اشتبهتْ عليك الأمور فعليك بالسواد الأعظم من الأمة الإسلامية ]. أهـ
والسواد الأعظم هم أهل السنة والجناعة وهم الكثرة الكاسحة في الأمة الإسلامية تؤمن برؤية المؤمنين ربهم يوم القيامة وأجمعتْ على ذلك.
وقال عدنان في المحاضرة 25 من سلسلة العقيدة في الدقيقة العاشرة:
[ أهل السنة في هذا في طرف، والمخالفون في جانب آخر ، لكن هذا بحد ذاته لا يعني أن الحق مع المخالفين لكثرتهم، لأن هؤلاء المخالفين حتى على كثرتهم لا يأتون قريبًا من أهل السنة والجماعة ].أهـ
.
5. تقول: [  و المخالفون لهم أيضا ادلة واضحة و معقدة أورد ما وجدته في الموضوع يقول الله تعالى ( لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير ].
استدلالك بهذه الآية محضُ خطأ، وهذا ناتج عن عدم معرفتك لمعنى كلمة ” الإدراك “.
لِأنَ الإدراكَ أَخَصُّ من الرؤية ، فلو كان الله تعالى يقصد أننا لا نراه على الإطلاق لقال [ لا تراه الأبصار ]، أو قال [ لا تراني الأبصار ].
ومعلوم أن نَفْيَ الأخَصِّ لا يَقْتَضِي نَفْيَ الأعَمِّ، كما لو قلت لك: إن الله حَرَّم علينا لحم الخنزير، فهذا نوع مخصوص من اللحوم وهو محرم. فلا يجوز أن يقول أحدهم: [ بما أن الله حَرَّمَ الْأَخَصَّ وهو لحم الخنزير فهذا يقتضي تحريمَ الْأَعَمِّ وهو جميع أنواع اللحوم ]. لأن هذا القول غيرُ صحيح بلا مَثنوية.
وعليه نقول إن الإدراك المذكور في الآية هو الإحاطة، فأنت ترى السماء بعينيك، لكنك لا تحيط بها ببصرك، لأنه يلزم إذا أردتَ أن تحيط بها أن تراها من جميع نواحيها وجوانبها. وهذا ممتنع !
فإذا كانت إحاطةُ أبصارِ البشر وإدراكُهم في حق السماء ممتنعةً وهي مخلوقة، فمن باب أولى أن يعجزَ البشرُ عن الإحاطة بخالقهم سبحانه وتعالى وإدراكه.
والرؤية بمعنى الإدراك لها معنيان:
الأول: الرؤية التي تعني الإحاطة بالله عَزَّ وَجَلَّ. وهذه ممتنعة في حق البشر تجاه ربهم، فلا يستطيع البشر الإحاطة بربهم. كما في مثال السماء السابق، وهي التي أتى بها النَّفْيُ في الآية { لا تدركه الأبصار }.

الثاني: الرؤية بدون إحاطة وهي التي أثبتها الله سبحانه وتعالى للمؤمنين يوم القيامة في سورة القيامة، فنحن سنرى ربنا سبحانه – كما أخبرنا بذلك رسوله صلى الله عليه وسلم – ، لكننا أيضًا لن نحيط به جَلَّ جلالُه.

وقد سُئِلَ عكرمةُ تلميذُ ابنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما عن ذلك فقال للسائل: ألستَ ترى السماء ؟ قال: بلى. قال: أكلها تَرَى ؟ قال: لا.

ومثال عكرمة مثال بسيط ومختصر لمن أراد الحقيقة المجردة، أما المعاند فلا سبيل إليه !
ولو سَلَّمْنَا جدلًا أن الآية تنفي رؤية اللهِ بالفعل، فسيكون هذا النَّفْيُ مُقَيَّدًا بالدنيا، وليس في الآخرة.
لأننا ثبت لدينا بالقرآن الكريم وثبت لدينا عن طريق التواتر برواية أكثر من عشرين حديثًا صحيحًا عن المعصوم صلى الله عليه وسلم، كما ثبت لدينا بإجماع الصحابة والتابعين على أن المؤمنين يرون الله في الآخرة.
.
6. تقول: [ وقال لموسى حين طلب منه رؤيته ( قال لن تراني ) وهذا نفي مطلق غير مقيد بزمان او مكان ].
واستدلالك بآية سورة الأعراف، استدلالٌ غيرُ صحيحٍ، لأن ( لن ) هنا ليست على التأبيد المطلق.
ولو عُدْنَا لأهل اللغة وأربابها في بيان معنى حرف ( لن ) فلن نختلف إن شاء الله. وحينما يتكلم أهلُ التخصص في تخصصهم وفَنِّهِمْ فليس لغيرهم أن يتكلم.
فيقول الإمامُ ابنُ مالك في شرح الكافية الشافية: 

ومن رأى النفي بـ ( لن ) مُؤَبَّدًا **  فقولَه ارْدُدْ ، وَخِلَافَهُ اعْضُدَا

شرح الكافية الشافية ج3 ص1515 ط جامعة مركز البحث العلمي وإحياء التراث الإسلامي كلية الشريعة والدراسات الإسلامية – مكة المكرمة.
فيوصيك الإمامُ ابنُ مالك أنْ تردَّ وترفضَ قولَ مَنْ يقول أَنَّ ( لَنْ ) تفيد التأبيد المطلق، كما يوصيك أن تأخذَ بغير هذا القول، واعضدْ عليه بأسنانك.
وعليه يظهر أن قولك [ انه نفي مطلق غير مقيد بزمان او مكان ] قولٌ خاطئٌ لا تؤيده اللغة أو الأدلة الشرعية ولا المنهجية العلمية !
ثم إن الله تعالى لم يقل [ أنا لا أُرَى ] بل قال لموسى { لن تراني }.
وفي قول موسى لربه { أرني انظر إليك } وتفسير أهل البدع أن موسى طلب رؤية الله بقوله { أنظر إليك } دليل على صحة تفسيرنا لقوله تعالى { إلى ربها ناظرة }.
لأن أهل البدع بأنفسهم يفسرون قول موسى لربه { أنظر إليك }. بأنه النظر بالعينين، ثم يزعمون أن الله نفاه نهائيا بقوله { لن تراني }.
فإذا كنتم فَسَّرْتُم بأنفسكم قولَ موسى { أنظر إليك } بأنه طَلَبَ رؤيةَ الله تعالى بالعينين، فيكون تفسيرُنا لقوله تعالى { إلى ربها ناظرة } تفسيرا صحيحا بحسب فَهمكم لقول موسى بأن المقصود هو رؤية المؤمنين ربهم.
ثم أقول: هل سأل سيدُنا موسى عليه الصلاة السلام رَبَّه شيئًا مستحيلًا عليه سبحانه وتعالى؟! إنْ قلتَ نعم، فقد أسأتَ إلى نبي الله موسى عليه الصلاة والسلام.
وإنْ قلتَ لا, فهذا ما نقوله، لأن موسى طلب شيئا مباحًا، لكن إباحته وجوازه مُقَيَّدٌ بالآخرة, وليس في الدنيا، إذْ أَنَّ البشرَ لا يَتحمَّلُون رؤية الله في الدنيا لأنهم غيرُ مُهَيَّئِينَ لذلك.

ولا يشغب على ذلك قولُ نبيِّ الله نوحٍ عليه السلام: { رب إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق } لأن نوحًا عليه السلام لم يطلب الرحمة لولده الكافر بصريح العبارة كما طلب موسى عليه السلام بصريح العبارة أن يرى الله في الدنيا !
وأقول إن موسى حينما طلب رؤية الله بقوله { أرني أنظر إليك } طلب شيئا جائزا على الله سبحانه، وحينما أجابه الله تعالى عَلَّقَ الرؤيةَ على شيء جائز، وهو ثبات الجبل في مكانه.
إذ لو أراد الله للجبل أن يثبت مكانه لثبت وما تحرك. ولو كانت رؤية الله شيئا مستحيلا عليه لَعَلَّقَ اللهُ رؤيته على شيءٍ مستحيل، وليس على شيءٍ جائزٍ كثبات الجبل.
وبما أن الله تعالى علق رؤية موسى له على شيء جائز الحدوث وهو ثبات الجبل فقد فهمنا أن رؤيته سبحانه وتعالى جائزةُ الحدوث.
كما أبين أن نفيَ الرؤية عن موسى في الآية كان لأن الله تعالى لا يُرى في الدنيا، لقوله صلى الله عليه وسلم: { إنكم لن تروا ربكم حتى تموتوا }.
.
7. تقول: [ وقد يستدل البعض في هذه الآيه ( وجوه يومئذ ناضره الى ربها ناظره ) الجواب هو : قوله ( ناظره ) هذه لا تعني الرؤيه بل تعني الانتظار
فلنتدبر قوله تعالى ( هل ينظرون الا الساعة أن تأتيهم بغتة وهم لا يشعرون( فنستنتج ان النظر معناه الانتظار وليس الرؤية
].
وأقول: هذا تفسير خاطئٌ بعيدٌ عن اللغة العربية. إذ أن النظر في الآية أتى متعديًا بـ ( إلى ) ، وتعدية النظر  بـ ( إلى ) يفيد الرؤية بأعين الوجوه، وليس الانتظار.
وللتوضيح بشكل أكبر أقول: 
الفعل ( نظر ) يأتي بعدةِ مَعَانٍ في اللغة العربية.
الأول: أن يأتي النظر بمعنى الانتظار، إذا لم يَتَعَدَّ بشيء كما في قول الله سبحانه وتعالى عن بلقيس ملكة سبأ: { وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ }. (النمل)(35).
والكلمة أتت في الآية بمعنى الانتظار. أيْ وإني منتظرة ومترقبة بماذا سيرجع الرسلُ الذي أرسلتُهُم.
وكقوله تعالى: { ما ينظرون إلا صيحة واحدة … } أي ما ينتظرون وما يَتَوَقَّعُون وما يترقبون إلا صيحة واحدة.
وهذا المعنى لا يأتي متعديا بـ { إلى }. لأن الانتظار يكون بالقلب وليس بالوجه ، وآية سورة القيامة أضافت النظر إلى الوجوه بقوله: { وجوه يومئذ ناضرة * إلى ربها ناظرة }. فالوجوه لا تنتظر ، وإنما القلوب.

ولو كان لو المراد من الآية الانتظار كما تقول؛ لقال تعالى [ قلوب يومئذ ناظرة ] وليس { وجوه يومئذ ناضرة }، ولقال سبحانه وتعالى: [ ربَّها ناظرة ] بدون الحرف ( إلى ) وليس { إلى ربها ناظرة }.
الثاني: كما يأتي الفعل { نظر } إذا تعدَّى بـ { في } بمعنى التفكر والتدبر والتأمل والعبرة، كما في قوله تعالى: { أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ … }. (الأعراف)(185).
الثالث: وإذا أتى الفعل ( نظر ) مُتَعَدِّيًا بـ ( إلى ) فمعناه الرؤية بالعين، مثلما قال الله تعالى { وانظر إلى طعامك وشرابك لم يَتَسَنَّهْ }. سورة البقرة.
والآية في سورة القيامة أتت بالشكل الثالث متعدية بـ ( إلى ) وهي تعني النظر بالعينين، وعليه فكل أدلتك لا يجوز الاستدلال بها لنفي رؤية الله في الآخرة.
ولم يبقَ لك إلا دليلٌ واحد، وهو قوله تعالى: { ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم … }. سورة آل عمران، الآية ( 77 ).
فأقول: أما قولك [ وقوله تعالى ( ولا يكلمهم الله ولا ينظر اليهم ) فهل معنى هذه الآيه ان الله لا يراهم ؟؟؟ بل معناها لا ينظر اليهم بعين الرحمه ].
فالآية ليس معناها أن الله لا يراهم، بمعنى أن هذا قُصُورٌ في رؤية الله ونظره، وكأنَّ الله لا يَرَى، حاشا لله !!
بل معناها أن الله هو الذي لا يريد رؤيتهم لأنهم كافرون مشركون مجرمون عصاة آثمون. والله لا يحب الكافرين، كما في سورة آل عمران، الآية ( 32 ).
لذلك يحجبهم عن رؤيته، وهو أيضا لا يحب أن يراهم. وهذا المعنى توضحه الآية الأخرى: { كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون }.
.
8. وقد اعترضتَ على هذا المعنى بقولك: [ ولكن هذه لا تَعني الحجب عن رؤية الله بل الحجب عن رحمته ولو اكملنا الآيه لعرفنا قال تعالى ( كلا انهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ثم انهم لصالوا الجحيم )].
فأقول: سنعتبر أننا مختلفانِ في تفسير هذه الآية، فما رأيك ورأي عدنان بتفسير الإمام الشافعي ؟!
عن الربيع بن سليمان يقول: كنت ذات يوم عند الشافعي، رحمه الله، وجاءه كتاب من الصَّعِيد يسألونه عن قول الله جل ذكره: { كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ }.
فكتب فيه: لَمَّا حَجَبَ اللهُ قومًا بالسخط دلَّ على أن قومًا يرونه بالرِّضَا.
قال الربيع: قلت له: أَوَتَدِينُ بهذا يا سيدي؟
فقال: والله لو لم يوقن محمد بن إدريس أنه يرى ربه في المعاد لما عبده في الدنيا ].

المصدر: مناقب الشافعي للبيهقي ج1 ص419، ط مكتبة دار التراث – القاهرة.
وروى البيهقي في الصفحة التي تليها عن ابن هرم القرشي، أنه قال:
{ سمعت الشافعي يقول في قول الله عز وجل: {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ}، قال: هذا دليلٌ على أن أولياءَه يرونه يوم القيامة }.
وما رأي عدنان في قول الإمام أبي الحسن الأشعري ؟َ! أليس يقول عدنان أنه أشعري ؟!

يقول أبو الحسن الأشعري:
[ الإجماع الحادي عشر :  وأجمعوا على أن المؤمنين يرون اللهَ عَزَّ وجل يوم القيامة بأعين وجوههم على ما أخبر به تعالى في قوله تعالى: { وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة }.
وقد بَيَّنَ معنى ذلك النبيُّ صلى الله عليه وسلم وَدَفَعَ كُلَّ إِشْكَالٍ فيه بقوله للمؤمنين ( ترون ربكم عيانا ).
وقولِه ( ترون ربكم يوم القيامة كما ترون القمر لا تضامون في رؤيته ) فَبّيَّنَ أن رؤيته تعالى بأعين الوجوه ].
رسالة إلى أهل الثغر لأبي الحسن الأشعري ص237 ط مكتبة العلوم والحكم  – دمشق.
.
9. تقول: [ ثم ان رؤية الله تعني انه محدود وله جسم محدود وله مكان معين ويحويه مكان وهذا خاطئ فالله موجود قبل ان يخلق المكان ].
وهذا غير صحيح على الإطلاق، فرؤية المؤمنين ربهم لا تقتضي التحيُّز أو التجسيم أو المحدودية.
فأنت حينما تقول هذا القول ؛ إنما تقوله لأحد سببين:
الأول: إما لأن الرؤية ممتنعة لذاتها: وهذا الوجه قد أثبتنا بطلانه بالأدلة الكثيرة السابقة.
الثاني: وإما لأن الرؤية ممتنعة للمقتضيات واللوازم التي ذَكَرْتَهَا، وهي لوازم لا يقول بها المُثْبِتُونَ لرؤية الله تعالى. وذلك لعدة أسباب:
1. أنه من الممكن أن ترى الرسول صلى الله عليه وسلم في رؤيا منامية، وهذا لا يعني تحيُّزُه أو تجسيمه أو احتواءَ مكانٍ بعينه له.
ومع ذلك ستقول لقد رأيتُه، فإن كان الرسول صلى الله عليه وسلم مخلوقًا، ورؤيته لا تقتضي هذه اللوازم الباطلة، فمن باب أولى أن تمتنع هذه اللوازم في رؤية الله سبحانه وتعالى.
2. أننا نرى في جهاز التلفاز أو الكمبيوتر او الهاتف صورة مذيع يتكلم مثلا أو غير ذلك، ولا نقول عن هذا المذيع الذي في الشاشة أنه مُتَحَيِّزٌ أو إلخ ….
وهذا اتهام صريح لكل العلماء الذين قالوا برؤية المؤمنين ربهم بالتجسيم والجهل!
3. أنه ثَبَتَ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى جَلَّى له بيتَ المَقْدِسِ يَرَاه ويَصِفُهُ عليه الصلاة والسلام للمشركين لما كَذَّبُوهُ وَنَفَوا أنه أُسْرِيَ بِهِ ليلةَ الإسراء والمعراج !!
ولا يقال إِنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم رأى بيتَ المقدس مُتحيزًا أو في مكانٍ معينِ وَقْتَ هذه الرؤية. فرؤيته عليه الصلاة والسلام لبيت المقدس كان رؤية عينية ، ومع ذلك لم يتحيَّز بيت المقدس في جهة.
فإذا انتفتْ هذه اللوازم وَظَهَرَ بُطْلَانُها في حق المخلوق ؛ فبطلانُها في حق الخالق سبحانه وتعالى أولى وأظهر وأوجب!
.
10. ثم إنك نسيتَ أو تناسيتَ إجماعَ الصحابة الذي رأوا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وتشرَّفوا بسماعه والعيش معه وسماع القرآن الكريم منه وسماع الوحي المعنوي وهو السنة النبوية الصحيحة منه أيضًا.
فالصحابة قد أجمعوا على رؤية المؤمنين ربهم يوم القيامة في الجنة، ولم يخالف واحد منهم في هذه المسألة على الإطلاق ! 
فكأنك أعلم منهم جَمِيعًا !!!!
11. مسألة إخراج عدنان إبراهيم من المذهب الأشعري أو الشافعي مسألة لا تعنيني البتة.
وقد ذكرت في الحلقة أن قولَ الإمامينِ الشافعي وأبي الحسنِ الأشعريِّ عليهما رحمة الله أن رؤية المؤمنين ربهم في الآخرة هو الحق المبين الذي لا مِرَاءَ فيه ! فعدنان هو الذي خالف الأئمة الذين يدعي نِسْبَتَهُ إليهم !!
لكن السؤال بالفعل يطرح نفسه وبقوة: كيف يكون عدنان سُنِّيًّا وهو يخالف كُلَّ أهلِ السنة والجماعة فيما أجمعوا عليه في مسألة تواترت فيها الأحاديث والأدلة ؟!!
وأنا حينما أقول هذا لا أقول عنه شيعي أو رافضي أو أي وصف آخر، فكل هذا لا يعنيني البتة !!

الذي يعنيني فقط هو إِبطال مزاعِمِه وتخريفه بأن قوله هو الصحيح وأن قوله منسوبٌ إلى أهل السنة.
وإذا كنتَ ترى أن ما يفعله عدنان إبراهيم اجتهادٌ، فمن حق الجميع أن يجتهدوا أيضًا في الرَّدِّ عليه ويكشفوا بطلان اجتهاده المخالف صراحةً للكتاب والسنة النبوية الصحيحة. وهذا ما أفعله، ولله الحمد. 

كتبه أبو عمر الباحث

غفر الله له ولوالديه

 رابط حلقة عدنان إبراهيم التي دار حولها النقاش

4 تعليقات

  1. بارك الله فيك يا أخي الكريم أبو عمر وجعلك الله من الذين يرونه فالجنة انت واهلك والمسلمين والمسلمات أجمعين…

    محبك أبو هاشم ،،محب الرسول والصحابه؛؛

  2. السلام عليكم ورحمة الله وبركالته
    جزاك الله خيرا يا ابو عمر ولي مداخلة بسيطة بالرد والتوضيح عن الاية من قوله تعالى ((لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير))
    المقصود بالاية هي تعجيز القدرة وليس نفي ان الله عز وجل لا يرى بالاخرة . كيف يعني ذلك
    المفهوم بسيط وهو انه سبحانه ينفي ان يكون لا احد المقدرة على ادراكه وهو سبحانه من له القدرة على ادراك خلقه وتقييد ذلك بالقدرة والاستطاعة وليس بنفي النظر وامكان ذلك باذنه تعالى بالاخرة فصياغة الاية تعني القدرة والاستطاعة بين قدرة الخالق في ادراك خلقه وادراكه لابصارهم وبين عجز خلقه ان يدركوه با ابصارهم . واللذي يركز في مفهوم صيغة النفي يعلم الفرق بين قول انه لا يرى اطلاقا وبين موضوع من له القدرة اي الاستطاعة بالادراك . فلم يقل عز وجل (انه لن يراني احد) وعندها سوف يكون النفي مقيدا ولكن هنا الاية تعني القدرة والاستطاعة من يستطيع اادراك الابصار هل من احد يستطيع بقدرته ان يبصر الخالق عز وجل ولكن لا احد يستطيع لانه وحده من له القدرة في ادراك ابصار خلقه . اتمنى ان تكون الصورة واضحة .

  3. انا لايهمني رشيد الظال وكما قال الشيخ الزغبي ليس بعد الكفر ذنب لكن الاهم هو ان هذا الشخص يكن كرها وخبثا للاسلام ويريد ان يدعوا للنصرانية وهنا نجد الفرق بين من يسال ويبحث عن الحقايق وبين من يعادي وهو مقفل عينيه والافضل هو ان ننتهز الفرصة للرد لعل بعض النفوس الظالة تجد الحقيقة وتفطن لها والهداية بمشئة رب العالمين كما انني لن اسمح له ولامثاله باذن الله بالتطاول والكذب على الدين الاسلامي الحنيف وبث الشبهات والمعتقدات اللتي لايفقهها كثير من جهلاء القراءة والتدبر ومن ضعف يقينهم وايمانهم والحمدلله رب العالمين

اترك ردّاً