هل السيدة عائشة تشك في نبوة الرسول؟!

سلسلة كشف أكاذيب الرافضة حول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها

رواية “ألست تزعم أنك رسول الله؟!”

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه وبعد

فقد زعم أحد الرافضة أن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها كانت تشك في نبوة الرسول صلى الله عليه وسلم مستدِلًّا بهذه الرواية:

قال أبو يعلى الموصلي:

[ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عُمَرَ بْنِ شَقِيقِ بْنِ أَسْمَاءَ الْجَرْمِيُّ الْبَصْرِيُّ، حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ الْفَضْلِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: ” وَكَانَ مَتَاعِي فِيهِ خَفٌّ، وَكَانَ عَلَى جَمَلٍ نَاجٍ، وَكَانَ مَتَاعُ صَفِيَّةَ فِيهِ ثِقَلٌ، وَكَانَ عَلَى جَمَلٍ ثَقَالٍ بَطِيءٍ يَتَبَطَّأُ بِالرَّكْبِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «حَوِّلُوا مَتَاعَ عَائِشَةَ عَلَى جَمَلِ صَفِيَّةَ، وَحَوِّلُوا مَتَاعَ صَفِيَّةَ عَلَى جَمَلِ عَائِشَةَ حَتَّى يَمْضِيَ الرَّكْبُ». قَالَتْ عَائِشَةُ: فَلَمَّا رَأَيْتُ ذَلِكَ قُلْتُ: يَا لَعِبَادِ اللَّهِ غَلَبَتْنَا هَذِهِ الْيَهُودِيَّةُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَتْ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا أُمَّ عَبْدِ اللَّهِ إِنَّ مَتَاعَكِ كَانَ فِيهِ خَفٌّ وَكَانَ مَتَاعُ صَفِيَّةَ فِيهِ ثِقَلٌ، فَأَبْطَأَ بِالرَّكْبِ فَحَوَّلْنَا مَتَاعَهَا عَلَى بَعِيرِكِ، وَحَوَّلْنَا مَتَاعَكِ عَلَى بَعِيرِهَا». قَالَتْ: فَقُلْتُ: أَلَسْتَ تَزْعُمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ؟ قَالَتْ: فَتَبَسَّمَ. قَالَ: أَوَ فِي شَكٍّ أَنْتِ يَا أُمَّ عَبْدِ اللَّهِ؟ ” قَالَتْ: قُلْتُ: أَلَسْتَ تَزْعُمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ؟ أَفَلَا عَدَلْتَ؟ وَسَمِعَنِي أَبُو بَكْرٍ وَكَانَ فِيهِ غَرْبٌ – أَيْ حِدَّةٌ – فَأَقْبَلَ عَلَيَّ فَلَطَمَ وَجْهِي فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَهْلًا يَا أَبَا بَكْرٍ» فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمَا سَمِعْتَ مَا قَالَتْ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الْغَيْرَى لَا تُبْصِرُ أَسْفَلَ الْوَادِي مِنْ أَعْلَاهُ».  مسند أبي يعلى : 4670

——————————————–

قلت: سأفترض صحة الرواية وأقول:

أولا: لو كانت كلمة السيدة عائشة رضي الله عنها فيها أي إساءة لرسول صلى الله عليه وسلم لكان الرسول صلى الله عليه وسلم غضب من قولها! لكن الذي حدث هو العكس تمامًا!! فالرسول صلى الله عليه وسلم تَبَسَّمَ من كلامها ، بل دَافَعَ عنها حينما ضربها أبو بكر الصديق رضي الله عنه بحسب الرواية!! 

ثانيًا: الرسول صلى الله عليه وسلم لا يمكن أن يسكت على باطل أبدًا ، وسكوته إقرارٌ منه لفعلها، وهذه شهادة أنَّ فِعْلَهَا ليس من الباطِل المُحَرَّم المَنْهِيِّ عنه.

ثالثًا: السيدة عائشة رضي الله عنها أصابتها الغَيْرَةُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقالت له في حديث آخر: [ومالي لا يَغَار مِثْلِي على مِثْلِك يا رسول الله؟!] ، والمرأة التي تكون زوجةً لخاتم النبيين وسيد المرسلين من الطبيعي جدًا أن تغار عليه.

المرأة التي تتزوج من خير خلق الله أجمعين، أليس من الطبيعي أن تغار عليه؟!

بل النبي صلى الله عليه وسلم شهد لها أنها قالت ذلك بسبب الغيرة فقال: «إِنَّ الْغَيْرَى لَا تُبْصِرُ أَسْفَلَ الْوَادِي مِنْ أَعْلَاهُ». أي أن المرأة إذا أصابتها الغيرة لا ترى أمامها من شدة غيرتها.

رابعًا: هل مَن يطعن في السيدة عائشة رضي الله عنها لهذا الحديث أكثر غيرةً على رسول الله من رسول الله صلى الله عليه وسلم على نفسه؟!

خامسًا: هذه الرواية تضرب دين الشيعة الروافض في مَقتل، لأنهم يقولون إن أبا بكر الصديق رضي الله عنه كان يبغض رسولَ الله صلى الله عليه وسلم!! فكيف يعادي أبو بكر ابنته ويضربها لأجل الرسول صلى الله عليه وسلم إذا كان يبغضه بالفعل كما يزعم الرافضة؟!

سادسًا: إذا قال الشيعي الرافضي إن أم المؤمنين عائشة عليها السلام كانت تشك في نبوة رسول الله صلى الله عليه وسلم قلنا له هذا الكلام باطِل، لأنه يوجد عندنا عشرات الأحاديث التي تبين إيمانَها برسول الله صلى الله عليه وسلم، فهي التي حكت لنا كيفية نزول الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: [وَلَقَدْ رَأَيْتُهُ يَنْزِلُ عَلَيْهِ الوَحْيُ فِي اليَوْمِ الشَّدِيدِ البَرْدِ]. كما في صحيح البخاري، حديث رقم (2). وهي التي قالت: [ كُنْتُ أُطَيِّبُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ] أي كنت أضع له العِطْرَ طيبَ الرائحة.

لاحظ أنها قالت عنه: [ رسول الله ]. فكيف كانت رضي الله عنها تشك في نبوته وهي تشهد له بالرسالة ؟!

وذات ليلة قال لها: [يَا عَائِشَةُ ذَرِينِي أَتَعَبَّدُ اللَّيْلَةَ لِرَبِّي] فقالت له: [ وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّ قُرْبَكَ، وَأُحِبُّ مَا سَرَّكَ]. فهل هذا كلامُ امرأةٍ مُبْغِضَةٍ لرسول صلى الله عليه وسلم؟!

سابعًا: لماذا استأذن رسولُ الله صلى الله عليه وسلم نساءه أن يَقْضِيَ فترة مرضه في بيت عائشة إذا كانت تشك في نبوته؟! هل يرتضي الرسولُ صلى الله عليه وسلم أن يختم حياته الشريفة المباركة داخل بيت المرأة التي كانت تشك في نبوته؟! هل الله جل جلاله يرضى لرسوله صلى الله عليه وسلم هذا؟!

ثامنًا: الشيعي يرى أن السيدة عائشة عليها السلام والرضوان كافرة مرتدة لأنها رَدَّتْ على النبي صلى الله عليه وسلم!! لأن الرد على الإمام المعصوم يعد كُفْرًا مُخْرِجًا من المِلَّةِ في دين الشيعة الإمامية؛ فكيف بالرد على الرسول صلى الله عليه وسلم؟! إذًا حسب عقائد الشيعة الروافض وحسب كلام الرافضي تكون أم المؤمنين عائشة قد خرجت من الملة!! فكيف عاش معها الرسول صلى الله عليه وسلم طوال هذه المدة وهي كافرة؟! أليس الله سبحانه وتعالى يقول: { ولا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِر }؟! أي لا تبقى النساء الكافرات في عصمتكم وذمتكم، ولابد من طلاقهن؛ فلماذا لم يُطَلِّقْهَا النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم؟!

تاسعًا: إذا كانت السيدة عائشة عليها السلام والرضوان كافرة مرتدة كما يزعم الرافضة – وحاشاها – ؛ فلماذا شهد لها النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة؟! فقد روى ابن حبان في صحيحه عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها قالت: [ يا رسول الله صلى الله عليه وسلم، مَنْ أزواجُك في الجنة؟ قال: أما إنك منهن ]. ولهذا قال عنها عمار بن ياسر رضي الله عنه: [ وَاللَّهِ إِنَّهَا لَزَوْجَةُ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ]. رواه البخاري برقم: 7101.

عاشرًا: لو فرضنا صحة الرواية ؛ فسؤال أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها سؤال تقريري، أي أنها تسأله ليقول لها: نعم أنا رسول الله، فتقول هي له بما أنك رسول الله؛ فهذا يقتضي أن العَدْلَ صِفَةٌ أساسية رئيسية من صفاتك، فينبغي أن آخذ بعيري وتأخذ صفية بعيرها. لكنَّ الروافضَ أعداءَ اللهِ ورسولهِ صلى الله عليه وآله وسلم فهموا الرواية على عكس معناها ومقتضاها.

حادي عشر: الزعم في اللغة العربية له عدة معانٍ، لكنّ الروافضَ مبغضي الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم لم يفهموا من الزعم إلا معنى الشك أو الكذب!!

فقد روى أبو داود الطيالسي عن أبي قتادة رضي الله عنه، قال: قام رجل، فقال: يا رسول الله، أرأيتَ إن قُتِلْتُ في سبيل الله، أين أنا؟ فقال: «إن قُتلتَ في سبيل الله صابرًا محتسبًا، مُقْبِلًا غير مُدبرٍ، فأنت في الجنة» ، ثم سكت ورئينا أنه يَنْزِلُ عليه (أي الوحي)، ثم قال: أين الرجل؟ فقال: هاأنذا، قال: إلا أن يكون عليه دَيْنٌ فإنه مأخوذ به، كذلك زعم جبريل صلى الله عليه وسلم. مسند الطيالسي – حديث 628.

فهل النبي صلى الله عليه وسلم يشك في جبريل وما ينقله إليه عن ربه؟!

فالزعم في لغة العرب يُطلَق على القول سواء كان صدقًا محققًا لا شك فيه، أو كان القول كذبًا، أو كان مشكوكًا فيه.

ثاني عشر: هذه الرواية ضعيفة لسببين:

الأول: سلمة بن الفضل الأبرش كثير الخطأ، وقال عنه البخاري: عنده مناكير، وفيه نظر.

الثاني: محمد بن إسحاق مدلس، ولم يُصَرِّحْ أنه سمع الرواية من يَحْيَى بْنِ عَبَّادِ.

وعليه فلا يُحْتَجُّ بها علينا.

والحمد لله رب العالمين ،،،،

تعليق واحد

اترك ردّاً